السنة، وقل من تعرض له من الشيعة، وهو متحد من حيث المفاد والمحتوى مع العنوان الأول (1).
3 - عنوان " استصحاب عدم النسخ " والمقصود منه: استصحاب عدم نسخ الحكم الثابت عند الشك في نسخه. وهذا المعنى أعم من المعنيين السابقين، لأنه يجري هذا الاستصحاب بالنسبة إلى أحكام شريعتنا وأحكام الشرائع السابقة، ولا يختص بالشرائع السابقة، فلذلك لو شككنا في نسخ حكم من أحكام شريعتنا يأتي دور استصحاب عدم النسخ أيضا.
هذا وقد دمج كثير من الأصوليين بين الموردين، لكن فصل بعضهم بينهما، كالسيد الصدر (2) ونحن نفصل بينهما أيضا.
أولا - استصحاب أحكام الشرائع السابقة:
ومفاده - كما تقدم -: أن نستصحب بقاء حكم الشريعة السابقة عند الشك في نسخه.
وقد أوردت عدة إشكالات ومناقشات على هذا الاستصحاب نشير إلى أهمها:
1 - إن لنا علما إجماليا بنسخ بعض أحكام الشرائع السابقة، فإذا جاز استصحاب بقاء الحكم وعدم نسخه في كل حكم، لاستلزم المخالفة القطعية للعلم الإجمالي المتقدم.
وأجيب عن الإشكال: بأن العلم الإجمالي منحل بما قام الدليل على نسخه، فإن جملة من الأحكام التي كانت في الشرائع السابقة قد نسخت في هذه الشريعة قطعا، فهذا المقدار المعلوم يسبب انحلال العلم الإجمالي، وعندئذ يجوز التمسك في الموارد المشكوك نسخها باستصحاب بقائها (1).
ولتوضيح ذلك راجع عنوان: " احتياط ".
2 - يشترط في صحة الاستصحاب بقاء الموضوع - كما تقدم - والموضوع لأحكام الشريعة السابقة هم المكلفون آنذاك، وأما الموضوع في هذه الشريعة، فهم المكلفون الآن، فلم يتحد الموضوع.
نقل الشيخ الأنصاري هذا الإشكال من الفاضل النراقي، ثم أجاب عنه بجوابين:
أ - إننا نفرض شخصا مدركا للشريعتين، فيكون الموضوع متحدا، وعندئذ نتساءل ما المانع من جريان الاستصحاب في حق هذا الشخص؟
لكن لم يرتض غير الشيخ هذا الجواب، لعدم كونه حاسما للإشكال.
ب - إن الأحكام الشرعية تبين عادة بشكل قضايا حقيقية، لا خارجية، والقضايا الحقيقية لا تتوقف على وجود موضوعاتها، بل يفرض الموضوع فيها موجودا، ثم يرتب الحكم على