المستصحب أثر شرعي، فإذا لم يترتب عليه ذلك لم يكن حجة، وكأنهم أرسلوه إرسال المسلمات، وقد أشاروا إليه في الأصول في تنبيهات الاستصحاب عند بحثهم الأصل المثبت، الذي سوف يأتي البحث عنه تحت عنوان " الأصل المثبت ".
وقد صرح بعضهم بركنيته في الاستصحاب.
ووجهه: أن الشارع لما نزل الاستصحاب منزلة اليقين، فله غرض في هذا التنزيل، وهو إثبات الآثار المترتبة على المتيقن، للمشكوك، ولما كان التنزيل من قبل الشارع، فلا بد من أن يكون ناظرا في تنزيله إلى الآثار الشرعية.
هذا وبدل السيد الصدر هذه الصياغة بصياغة أخرى، وهي: أن يكون للاستصحاب أثر عملي وإن لم يكن شرعيا، وله فيه بيان لا يسعنا التعرض له فعلا (1).
انقسامات الاستصحاب:
ذكر الشيخ الأنصاري - وتبعه من تأخر عنه - انقسامات ثلاثة للاستصحاب باعتبار اختلاف المستصحب، والدليل الدال عليه، وباعتبار الشك المأخوذ فيه:
أولا - تقسيمه باعتبار المستصحب:
1 - إن المستصحب تارة يكون أمرا وجوديا، وأخرى عدميا، فالأول مثل الطهارة والنجاسة والوجوب والحياة ونحو ذلك، والثاني مثل عدم اشتغال الذمة بالتكليف، الذي يعبر عنه ب " البراءة الأصلية " أو أصالة النفي، ومثل عدم القرينة، وعدم الموت، وعدم التذكية ونحو ذلك.
2 - وعلى التقديرين تارة يكون حكما شرعيا، وأخرى موضوعا ذا حكم شرعي.
3 - وعلى فرض كونه حكما شرعيا، فإما أن يكون حكما كليا، أو جزئيا.
4 - وعلى التقديرين تارة يكون حكما تكليفيا وتارة وضعيا.
فالحكم الشرعي التكليفي الكلي مثل:
وجوب الصلاة والصوم، وحرمة الخمر والغصب.
والحكم الشرعي التكليفي الجزئي مثل:
وجوب الصلاة المعينة على زيد، وحرمة شرب الخمر المعين عليه.
والحكم الشرعي الوضعي الكلي مثل: بطلان الصوم بالأكل والشرب، وصحة الوضوء بماء البحر، وطهارة العصير العنبي، ونجاسة الكلب، ونحو ذلك.
والحكم الشرعي الوضعي الجزئي مثل:
بطلان الصلاة الخاصة لعروض المبطل لها، وصحة الصوم الخاص، وطهارة هذا الماء، ونجاسة هذا