لكن هل يجب عليه الاستدانة للحج لو كان له مال غائب لا يمكن صرفه في الحج فعلا، أو مال حاضر لا يرغب في شرائه أحد فعلا، أو دين مؤجل لا يكون المديون باذلا له قبل الأجل؟
فيه اختلاف، ومنشؤه الاختلاف في صدق الاستطاعة، فيرى بعضهم أنها صادقة في هذا الفرض، مثل الشهيد الأول (1) والثاني (2) - إلا أنهما لم يذكرا الدين المؤجل - وسبطه صاحب المدارك (3)، وصاحب الجواهر (4)، والسيد اليزدي (5)، وقد احتمله الفاضل الإصفهاني في الدين المؤجل (6).
لكن استشكل فيه السيد الحكيم (7)، والإمام الخميني (8)، وعلله السيد الحكيم: بأن الاستطاعة تتحقق بأمور ثلاثة: ملك المال الوافي للحج، ووجوده عنده، وكونه مما يمكن الاستعانة به - فعلا - على السفر. فإذا لم يملك مالا كافيا للحج، أو ملك ولكن لم يكن عنده - كالدين المؤجل - أو كان ولكن لا يمكن صرفه في الحج - كالمال الذي لا يرغب في شرائه أحد فعلا - لم تتحقق الاستطاعة.
وفصل السيد الخوئي بين ما يمكن تبديله إلى ما يمكن صرفه في الحج وما لا يمكن، فقال بوجوب الاستدانة في الصورة الأولى دون الثانية (1).
العاشر - إذا كان له مال وكان عليه دين، فإن كان المال يفي بالدين والحج معا فلا إشكال في وجوب الحج، لتحقق الاستطاعة، وإن لم يف بهما فهل يمنع الدين من حصول الاستطاعة، أو لا؟
اختلف الفقهاء في ذلك على أقوال:
1 - إن الدين يمنع وجوب الحج مطلقا سواء كان حالا - مع المطالبة وعدمها - أو مؤجلا، وسواء كان واثقا من الأداء بعد الحج أو لا؟
ذهب إلى هذا القول جماعة كالشيخ (2)، والمحقق (3)، والعلامة (4)، والشهيد الأول (5)، والسيد الحكيم (6).
2 - إن المانع من وجوب الحج هو الدين