بالسرقة للاستنطاق، فإنها مصلحة لم يأمر بها الشارع ولم يلغها (1).
وغالى الطوفي - وهو من علماء الحنابلة - في الاستصلاح، فاعتبره الدليل الشرعي الأساس في السياسات الدنيوية والمعاملات، وقدمه على ما يعارضه من النصوص عند تعذر الجمع بينهما (2).
ثانيا - النافون للاستصلاح:
ونقصد بالنافين الأعم من الذين لا يعتبرون الاستصلاح مطلقا، أو يشترطون فيه شرطا.
وهؤلاء هم: الإمامية، والزيدية، والشافعية، والظاهرية، والحنفية.
1 - أما الإمامية: فإنهم لم يعملوا طبق المصلحة المرسلة، نعم، لو حصل القطع باعتبار المصلحة شرعا - بأي طريق كان ولو عن طريق العقل - فيجوز العمل طبقها، ولكن لا تكون المصلحة مرسلة حسب الاصطلاح حينئذ. وإلى هذا المعنى يشير كلام المحقق الحلي (3)، والمحقق القمي (4)، ولما كان الكلامان متقاربين نكتفي بنقل كلام المحقق القمي، لأنه أجمع للفائدة، قال:
" المراد بالمصلحة دفع ضرر أو جلب منفعة للدين والدنيا ".
ثم قسم المصالح إلى ثلاثة أقسام، فقال:
" والمصالح: إما معتبرة في الشرع، ولو بالحكم القطعي من العقل، من جهة إدراك مصلحة خالية عن المفسدة، كحفظ الدين، والنفس، والعقل، والمال، والنسل، فقد اعتبر الشارع صيانتها وترك ما يؤدي إلى فسادها.
وإما ملغاة، كإيجاب صيام الشهرين لأجل الكفارة على الغني حتما، لكونه أزجر له.
وإما مرسلة، يعني لم يعتبرها الشارع ولا ألغاها، وكانت راجحة وخالية عن المفسدة.
وهذا هو الذي ذهب إلى حجيته بعض العامة، ونفاها أصحابنا وأكثر العامة، وهو الحق... ".
ثم أخذ يستدل على نفي الحجية عن هذا القسم، ويناقش حجة القائلين به.
2 - أما الزيدية: فالمنقول عنهم: أنهم أخذوا بالمصلحة إذا كانت متفقة مع مقصد الشارع الذي يؤخذ من مجموع النصوص، ويسمون ذلك:
" المناسب المرسل الملائم " (1).
3 - وأما الشافعية: فيعتقدون: " أنه لا استنباط بالاستصلاح، ومن استصلح فقد شرع،