ولا ينقض اليقين أبدا بالشك. ولكن ينقضه بيقين آخر " (1).
ومورد الاستدلال قوله (عليه السلام): "... وإلا فإنه على يقين من وضوئه... "، وهو جملة شرطية، الشرط فيها: " وإلا " أي: وإن لم يستيقن أنه قد نام، والجزاء فيها مقدر، وهو: فلا يجب عليه الوضوء، ويكون قوله: " فإنه على يقين من وضوئه " تعليلا للجزاء قام مقامه (2)، فتكون الجملة هكذا:
وإن لم يستيقن أنه قد نام، فلا يجب عليه الوضوء، فإنه على يقين من وضوئه، ولا ينقض اليقين أبدا بالشك، ولكن ينقضه بيقين آخر.
هكذا قال الشيخ الأنصاري، ويرى بعض آخر أن الجزاء نفس قوله: " فإنه على يقين من وضوئه... ".
وهناك توجيهات أخر والنتيجة واحدة.
يبقى تجريد الرواية من خصوص الوضوء وإسراؤها إلى سائر أبواب الفقه، ولهم في ذلك طرق، أهمها: أن التعليل: " فإنه على يقين من وضوئه " ظاهر - بمعونة مناسبة الحكم والموضوع وقرائن أخر من قبيل ورود هذا التعليل في روايات أخر واردة في غير باب الوضوء - في مطلق اليقين والشك، إذ لا خصوصية في الوضوء حتى يختص عدم نقض اليقين بالشك به، فتكون الرواية مشيرة إلى قاعدة كلية جارية في جميع أبواب الفقه (1).
وهناك روايتان أخريان لزرارة، وروايات أخر أيضا استدلوا بها.
جريان الاستصحاب في مؤديات الأمارات والأصول:
لما كان الموجود في لسان أدلة الاستصحاب هو النهي عن نقض اليقين بالشك، فذلك يعني أن المستصحب ينبغي أن يكون ثابتا ثبوتا يقينيا، وأما لو كان ثبوته بالأمارة أو الأصل - كما إذا ثبت وجوب شئ أو حرمته بالخبر الواحد، أو ثبتت طهارة الثوب بالبينة أو بأصالة الطهارة - ثم حصل الشك في بقاء مؤدى الأمارة أو الأصل، فهل يشمله دليل الاستصحاب أو لا؟
والكلام في مرحلتين: