يظهر منها أنه (صلى الله عليه وآله) استسقى أكثر من مرة، نذكر نموذجين منها:
أولا - روى الكليني عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " أتى قوم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا:
يا رسول الله إن بلادنا قد قحطت وتوالت السنون علينا فادع الله تبارك وتعالى يرسل السماء علينا.
فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمنبر فاخرج واجتمع الناس، فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودعا وأمر الناس أن يؤمنوا، فلم يلبث أن هبط جبرئيل فقال: يا محمد أخبر الناس أن ربك قد وعدهم أن يمطروا يوم كذا وكذا وساعة كذا وكذا. فلم يزل الناس ينتظرون ذلك اليوم، وتلك الساعة، حتى إذا كانت تلك الساعة أهاج الله عز وجل ريحا فأثارت سحابا وجللت السماء وأرخت عزاليها فجاء أولئك النفر بأعيانهم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا رسول الله ادع الله لنا أن يكف السماء عنا، فإنا كدنا أن نغرق. فاجتمع الناس ودعا النبي (صلى الله عليه وآله) وأمر الناس أن يؤمنوا على دعائه، فقال له رجل من الناس: يا رسول الله، أسمعنا فإن كل ما تقول ليس نسمع، فقال: قولوا:
اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم صبها في بطون الأودية وفي نبات (1) الشجر وحيث يرعى أهل الوبر، اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا " (2).
ثانيا - وروى - أيضا - عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " سألته عن صلاة الاستسقاء، فقال: مثل صلاة العيدين يقرأ فيها، ويكبر فيها، كما يقرأ ويكبر فيها، يخرج الإمام ويبرز إلى مكان نظيف في سكينة ووقار وخشوع ومسكنة، ويبرز معه الناس فيحمد الله ويمجده ويثني عليه ويجتهد في الدعاء ويكثر من التسبيح والتهليل والتكبير ويصلي مثل صلاة العيدين ركعتين في دعاء ومسألة واجتهاد، فإذا سلم الإمام قلب ثوبه وجعل الجانب الذي على المنكب الأيمن على الأيسر، والذي على الأيسر على الأيمن، فإن النبي (صلى الله عليه وآله) كذلك صنع " (1).
فإن عبارة " فإن النبي (صلى الله عليه وآله) كذلك صنع " إن رجعت إلى جميع الرواية دلت على كيفية استسقاء النبي (صلى الله عليه وآله) كذلك، وأما إذا رجعت إلى الفقرة الأخيرة - أي: كيفية تقليب الثوب - فلم تدل إلا على حكاية فعل النبي (صلى الله عليه وآله) في خصوص كيفية التقليب.
هذا وقد وردت أحاديث أخرى تبين استسقاء أمير المؤمنين (عليه السلام)، وتذكر بعض خطبه البليغة في الاستسقاء، واستسقاء الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) أيام المأمون، واستسقاء محمد بن خالد - والي المدينة - بعد استشارته الإمام الصادق (عليه السلام) وتعليم الصادق (عليه السلام) إياه كيفية الاستسقاء