اللازم الإشارة إلى حكمة تشريع الاستعاذة، وأركانها.
حكمة تشريع الاستعاذة:
المستفاد من مجموع آيات الاستعاذة:
أن الاستعاذة التجاء إليه تعالى وتحصن به، وتوكل عليه. فهي من جهة إقرار بالعبودية وإظهار لها، لأن التوكل معيار لصدق العبودية، ومن جهة أخرى يستدفع العبد بالاستعاذة بالله شر كل ذي شر، ومن أعظم الشرور شر الشيطان الذي يوسوس في صدور الناس. قال الله تعالى: * (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم * إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون) * (1).
وقد استفاد السيد الطباطبائي من هذه الآيات: أن المطلوب هو إيجاد حالة الاستعاذة في نفس المستعيذ، وأن التلفظ بلفظ الاستعاذة إنما هو سبب لإيجاد هذه الحالة (2).
أركان الاستعاذة:
للاستعاذة أركان ثلاثة:
1 - المستعيذ: وهو الإنسان، سواء كان مكلفا أو غير مكلف.
2 - المستعاذ به: وهو الله تبارك وتعالى، ولا فرق في مقام اللفظ بين أسمائه وصفاته.
وأما الاستعاذة بغيره تعالى، فلم أعثر على من تطرق له من الفقهاء، لكن يمكن أن يقال: إن كان التعوذ بالجن، فإنه غير جائز، لقوله تعالى:
* (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا) * (1)، ولدخوله في أنواع السحر المنهي عنه. وإن كان بغيره، فالظاهر جوازه ما لم ينته إلى محرم، كالشرك ونحوه. وعلى أي حال لم تتداول الاستعاذة بغير الله تعالى عندنا بلفظ الاستعاذة.
3 - المستعاذ منه: وهو كثير، وأهم أفراده الشيطان بمعناه العام الشامل لكل متمرد من الجن والإنس والدواب. وقد ملئت الأدعية المأثورة عن أهل البيت (عليهم السلام) بذكر ما يستعاذ منه، ومن جملة ذلك ما ورد في الصحيفة السجادية - للإمام علي بن الحسين السجاد (عليه السلام) - في الاستعاذة، وقد جاء فيه:
" اللهم إني أعوذ بك من هيجان الحرص، وسورة الغضب، وغلبة الحسد، وضعف الصبر، وقلة القناعة، وشكاسة الخلق، وإلحاح الشهوة، وملكة الحمية، ومتابعة الهوى، ومخالفة الهدى... " إلى أن يقول:
" ونعوذ بك من سوء السريرة، واحتقار الصغيرة، وأن يستحوذ علينا الشيطان، أو ينكبنا