أولا - معنى الإرادة فيه تعالى:
أهم الآراء في تفسير إرادته تعالى ثلاثة:
الأول - تفسيرها بمعنى العلم بما هو أصلح وأكمل:
فسر بعض المتكلمين والفلاسفة الإرادة فيه تعالى بمعنى: علمه بالنظام الأصلح والأكمل والأتم.
وممن يظهر منه اختيار هذا التفسير المحقق نصير الدين الطوسي، حيث نقل عنه تفسيره لها ب " أنها العلم بنظام الكل على الوجه الأتم " (1).
ويظهر من صدر المتألهين الشيرازي ارتضاؤه لذلك، حيث قال: " إرادته بعينها، هي علمه بالنظام الأتم، وهو بعينه هو الداعي والغاية... " (2)، وقال:
" الإرادة... في الواجب تعالى - لبراءته عن الكثرة والنقص، ولكونه تاما وفوق التمام - يكون عين الداعي، وهو نفس علمه - الذي هو عين ذاته - بنظام الخير في نفس الأمر المقتضي له " (3).
وممن تبعهم من الأصوليين المحقق الخراساني، حيث فسر إرادته تعالى التكوينية بأنها: " العلم بالنظام على النحو الكامل التام " (1)، ومنهم المحقق الإصفهاني في أحد تفسيريه (2).
ويظهر أن هذا الرأي هو المشهور بين متكلمي الإمامية، قال المحدث المجلسي: " اعلم أن إرادة الله سبحانه عند متكلمي الإمامية هي العلم بالخير، والنفع، وما هو الأصلح، ولا يثبتون فيه تعالى وراء العلم شيئا " (3).
الثاني - تفسيرها بمعنى الابتهاج:
يرى قسم آخر من الحكماء أن إرادته تعالى بمعنى ابتهاجه، وهو على نحوين:
1 - ابتهاجه بذاته، لأن ذاته صرف الوجود، وصرف الخير، فهو مبتهج بذاته أتم ابتهاج، وذاته مرضية لذاته أتم الرضا.
2 - ابتهاجه بما يصدر منه في مرحلة الفعل - أي الخلق - فإن من أحب شيئا أحب آثاره، ولما كان تعالى مبتهجا بذاته فهو مبتهج بما يصدر منه من الفعل.
وتفترق الإرادتان:
1 - بأن الإرادة الثانية من رشحات وآثار الإرادة الأولى.
2 - وأن متعلق الإرادة الأولى الذات، ومتعلق الثانية الفعل.