يعتبر الفقر والاحتياج في استحقاق الرزق (1).
والمراد من الحاجة هي المتعارفة وعلى حسب العادة، لا مقدار الضرورة التي لا يعيش بدونها (2)، فيعطى للمحتاج ما يرفع حاجته المتعارفة والمطابقة لشأنه، ولكن يوهم كلام الشيخ الأنصاري لزوم الاقتصار على الضروريات (3).
والحاجة إما منشؤها الفقر، أو الاشتغال بأمور يتوقف عليها نظام المجتمع، فيمنعه من القيام بتحصيل ما يحتاجه لنفسه وعياله (4).
ولكن يرى بعض الفقهاء: أن الحاجة غير معتبرة في استحقاق الرزق، بل يجوز للمتصدين للأعمال غير الواجبة الامتناع عن القيام بها بدون الارتزاق (5).
ويظهر من الشيخ والمحقق الحلي: أن الضابطة في استحقاق الرزق هي: إما الحاجة، أو التصدي لعمل غير متعين عليه وإن كان الأفضل عدم أخذ الرزق مع وجود كفاية له (6).
ولهم فيها تفصيلات يراجع فيها العنوانان:
" أذان "، " قضاء "، ونحوهما.
حكم الارتزاق تكليفا:
الارتزاق جائز لمن يستحقه، وتشخيص المستحق مع من له الأمر، فإن بيت المال معد لمصالح المسلمين، وكلما اقتضت مصلحتهم الصرف من بيت المال فيه فهو جائز، لكن اشترط بعضهم في جواز الارتزاق للقائمين بالأعمال العامة عدم وجود متبرع بالعمل، فلو وجد المتبرع مع فرض التساوي في الكفاءة فلا يجوز الارتزاق، لأنه بخلاف مصلحة المسلمين (1).
وصرح الشيخ الأنصاري: بأنه لا فرق في أن يأخذ الرزق من السلطان العادل أو الجائر، لحلية بيت المال لأهله ولو خرج من يد الجائر (2). ومن المعلوم أن ذلك بعد فرض حلية نفس العمل الذي يقوم به من قبل الجائر إذا كان ارتزاقه لأجل اشتغاله بالعمل.
أما الروايات، فإنها بين مجوزة لأخذ شئ على القيام ببعض الأعمال، وناهية، لكن حملت الناهية على أخذ الأجرة مقابل العمل لا الارتزاق، أو على محامل أخرى.