صرح بعض الفقهاء باشتراط القلة في السؤر، كالشهيد الثاني، وصاحب المدارك، والسيد الطباطبائي، وصاحب الجواهر، ونسبه السيد الطباطبائي إلى جملة من الفقهاء (1).
ولعل وجه اشتراط القلة هو: أن الماء المطلق لو كان كثيرا لم ينجس بمجرد الملاقاة.
ولذلك يثمر هذا الاشتراط في خصوص الماء المطلق، ومن حيث النجاسة فقط، لأن المضاف ينجس بمجرد الملاقاة، سواء كان قليلا أو كثيرا، وأما الكراهة فلا تتوقف على القلة، فلا مانع من اتصاف الماء الكثير بالكراهة لو قلنا بالتعميم.
الأحكام:
يمكن تقسيم الأسئار من لحاظين وجهتين: من جهة الحكم الوضعي، ومن جهة الحكم التكليفي.
الجهة الأولى - انقسام الأسئار من حيث الحكم الوضعي:
تنقسم الأسئار من حيث الحكم الوضعي إلى أسئار طاهرة وأسآر نجسة.
أولا - الأسئار الطاهرة:
وهي ما عدا الأسئار النجسة مما سوف نذكرها، وهي أسئار أكثر الحيوانات بناء على المشهور، وبناء على ما وردت به النصوص، ففي صحيحة أبي العباس، قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن فضل الهرة، والشاة، والبقرة، والإبل، والحمار، والخيل، والبغال، والوحش، والسباع، فلم أترك شيئا إلا سألته عنه؟ فقال: لا بأس به، حتى انتهيت إلى الكلب، فقال: رجس نجس، لا تتوضأ بفضله، واصبب ذلك الماء، واغسله بالتراب أول مرة، ثم بالماء " (1).
واستفاد الفقهاء قاعدة عامة من مجموع النصوص، وهي: أن السؤر يتبع ذا السؤر في الطهارة والنجاسة.
ثانيا - الأسئار النجسة:
القدر المتيقن من الأسئار النجسة هو: سؤر نجس العين، وهو: الكلب، والخنزير، والكافر - سواء كان أصليا أو مرتدا - للقاعدة العامة المتقدمة.
هذا المقدار لا كلام فيه إجمالا، وإنما وقع الكلام في أمرين:
1 - في صدق عنوان " الكافر " على بعض الفرق المنسوبة إلى الإسلام وعدمه، وقد تقدم أن القدر المتيقن هو صدقه على فرقتين: النواصب والغلاة.
راجع: ارتداد.
2 - ذهب بعض الفقهاء المتقدمين إلى لزوم اجتناب سؤر بعض الحيوانات، إما من جهة القول