نعم، لو كان عالما بحرمة الخمر وبأن ما يشربه خمر وجب نهيه عن المنكر، لصدق المنكر على ما يفعله، لمخالفته لتكليف منجز في حقه.
الأحكام:
قبل بيان أحكام إرشاد الجاهل من اللازم أن نبين مواطن الإرشاد، لأن حكم الإرشاد يختلف باختلاف موطنه.
مواطن الإرشاد:
يتحقق إرشاد الجاهل في موطنين:
الأول - في الأحكام الكلية الإلهية:
ويقصدون بذلك تعليم الجاهل بالأحكام الشرعية الكلية، كتعليمه أصل وجوب الصلاة وكيفيتها وأحكامها، وكذا سائر العبادات والمعاملات.
الثاني - في الموضوعات الخارجية:
ويقصدون بذلك تنبيه الجاهل لما يرتكبه خطأ، لا من حيث جهله بأصل الحكم، بل من جهة جهله بالموضوع، كمن يعلم ببطلان الوضوء بالماء المتنجس، ولكن لا يعلم بأن الماء الذي يتوضأ به متنجس فعلا، أو كمن يعلم بحرمة شرب الخمر، ولكن لا يعلم أن ما يشربه فعلا خمر، أو كمن يعلم بحرمة قتل المؤمن، ولكن يقتل مؤمنا بعنوان أنه كافر، ونحو ذلك.
وربما يستشعر من كلمات بعض الفقهاء أن " الإرشاد " يطلق على الموطن الأول، وأما الثاني فيطلق عليه " الإعلام ".
الحكم التكليفي للإرشاد:
الظاهر من كلمات الفقهاء أن إرشاد الجاهل بالأحكام الكلية الإلهية واجب في الجملة، قال الشيخ الأنصاري بالنسبة إلى تعليم الجاهل:
" نعم، وجب ذلك فيما إذا كان الجهل بالحكم، لكنه من حيث وجوب تبليغ التكاليف ليستمر التكليف إلى آخر الأبد بتبليغ الشاهد الغائب، فالعالم في الحقيقة مبلغ عن الله، ليتم الحجة على الجاهل ويتحقق فيه قابلية الإطاعة والمعصية " (1).
وقال السيد الخوئي:
" وأما الأحكام الكلية الإلهية فلا ريب في وجوب إعلام الجاهل بها، لوجوب تبليغ الأحكام الشرعية على الناس جيلا بعد جيل إلى يوم القيامة، وقد دلت عليه آية النفر والروايات الواردة في بذل العلم وتعليمه وتعلمه " (2).
ومقصوده من آية النفر قوله تعالى: * (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) * (3).