كذاته، وأما اللفظي فحادث يحدثه في موجوداته، فهو متدرج الوجود ومنصرم فلا يكون قديما.
3 - إن هذا الكلام النفسي في الأمر - الذي هو من النسب الإنشائية - اسمه الطلب.
4 - إن الطلب غير الإرادة، وذلك:
أ - لأن الله تعالى قد يأمر بشئ - أي:
يطلبه - ولا يريده واقعا، كما في الأوامر الامتحانية، من قبيل أمره - تعالى - إبراهيم بذبح ولده إسماعيل، فإن الذبح لم يكن مرادا لله واقعا - لأنه لو كان مرادا لوقع حتما ولما تخلف - مع أنه كان مطلوبا من إبراهيم (عليه السلام).
ب - ولأن الله تعالى يأمر العاصي بالطاعة، والكافر بالإيمان مع أنه لم يكن - واقعا - مرادا له، لأنه لو تعلقت إرادته - تعالى - بإيمان الكافر وإطاعة العاصي لما تخلفت هذه الإرادة، ولتحققت خارجا، ولما لم تتحقق، فيتبين أنها لم تكن مرادة، ومع ذلك فقد طلب من العاصي الطاعة ومن الكافر الإيمان.
إذن الطلب غير الإرادة (1).
نظرية المعتزلة:
وتتلخص نظرية المعتزلة ومن وافقهم من الإمامية بما يلي:
1 - إن الطلب والإرادة هما واحد بحكم الوجدان.
2 - وأما ما قالوه من أن المتكلم يهيئ في نفسه - قبل التكلم - النسب الخبرية، وذلك هو الكلام النفسي، فجوابه: أن ما يهيئه إنما هو مجموعة من التصورات والتصديقات والنسب الموجودة بين التصديقات - كما تقدم - وليس ذلك إلا العلم بتلك الأمور، إذ ليس العلم إلا التصور والتصديق، ولا يعقل معنى آخر - للكلام النفسي - وراء ذلك.
3 - إن الكلام إن كان بمعنى العلم - كما تقدم - فهو قديم كذاته تعالى وإلا فلا نفهم ما هو حتى نحكم عليه بالقدم أو الحدوث.
4 - وأما الأوامر الامتحانية فالمراد والمطلوب فيها هو نفس المقدمات - كإلقاء إسماعيل ووضع السكين على منحره ونحو ذلك في المثال - وأما ذو المقدمة فغير مراد واقعا، فلم يتعلق بها طلب ولا إرادة واقعا وإن تعلق بها الأمر صورة.
5 - وأما موضوع أمر العاصي بالطاعة مع عدم تعلق إرادته تعالى بتحققها، وكذا بالنسبة إلى أمر الكافر بالإيمان، فجوابه: أنه قد وقع خلط بين الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية، فالإرادة التي تعلقت بتكليف العاصي بالطاعة والكافر بالإيمان إنما هي الإرادة التشريعية، وأما الإرادة التي لم تتعلق بطاعة العاصي وإيمان الكافر فهي الإرادة التكوينية، ولا منافاة بينهما.