في الحركة بين أن تكون الحركات مباشرية، كما في الإرادة التكوينية، أو منزلة منزلة المباشرة، كما في التشريعية، فإن عضلات العبد وحركاتها منزلة منزلة عضلات المولى وحركاتها (1).
5 - وأما السيد الخوئي فيظهر من تعليقته على الكلام المتقدم لأستاذه المحقق النائيني: أن الإرادة التشريعية هي ما تعلقت فيها الإرادة بفعل الغير، وهذا يتحقق بنفس الإنشاء المظهر لاعتبار كون الفعل على ذمة المكلف، فلا حاجة إلى ما تكلف به الأستاذ (2).
وعلى كل تقدير، فالفارق الجوهري بين الإرادتين هو: أن التكوينية إذا تعلقت بشئ - وتعقبها الاختيار على بعض المباني - لم تتخلف، أما التشريعية حيث تتعلق بصدور الفعل عن الغير عن اختياره، فتحقق المراد فيها منوط باختيار الغير، فلا يلزم تحققه قطعا.
اتحاد الطلب والإرادة:
مما تورط فيه علماء الأصول - أيضا - هو البحث في موضوع وحدة الطلب والإرادة وتعددهما، وهل هما متحدان مفهوما وخارجا أو متعددان؟
والسبب في ذلك هو ما أبدعه الأشاعرة من القول بوجود الكلام النفسي في الواجب تعالى، الذي عبروا عنه بالطلب أيضا، وقالوا: إنه غير العلم والإرادة.
وتوضيح ذلك: أنه أثيرت في القرن الثاني مسائل كلامية مهمة، منها: ما أثير حول كلام الله:
هل هو قديم أو حادث؟ فذهب إلى كل فريق، حتى أريقت في سبيله الدماء، فقال الأشاعرة: إنه قديم، وقال المعتزلة والإمامية: إنه حادث.
فالذين قالوا: إنه قديم - وهم الأشاعرة - عبروا عنه بالكلام النفسي، وسموه في خصوص النسب الإنشائية - كالأمر - بالطلب، وقالوا: إنه - أي الطلب - غير العلم والإرادة.
وأما الذين قالوا بحدوث كلامه تعالى، فقد قالوا: إنهم لا يعرفون شيئا قديما غير العلم والإرادة يعبر عنه بالكلام النفسي أو الطلب.
وهناك من الإمامية من يرى تعدد الطلب والإرادة، ولكن ينكر شيئا باسم الكلام النفسي.
وفيما يلي نشير إلى وجهات نظر كل من هذه الفرق الثلاث:
نظرية الأشاعرة:
تتلخص نظرية الأشاعرة فيما يلي:
1 - لا شك في أن المتكلم عندما يريد أن يتكلم، يهيئ الكلام - المؤلف من تصورات، وتصديقات والنسب الموجودة بينها - في نفسه، وبعدها يجري ذلك الكلام في قالب الألفاظ، فالأول كلام نفسي، والثاني كلام لفظي.
2 - إن الكلام النفسي في الواجب تعالى قديم