الحدث، فالأول لا إشكال في جريان الاستصحاب فيه، وأما الثاني فقد وقع الكلام في بيان أقسامه وحجية كل قسم منها. وفيما يلي نشير إلى ذلك بصورة إجمالية:
لاستصحاب الكلي أقسام، أهمها ثلاثة:
القسم الأول:
ما إذا وجد الكلي ضمن فرد معين، ثم شك في ارتفاعه، كما إذا وجد كلي الحدث ضمن خروج المني من شخص معين، ثم شك في ارتفاع ذلك الحدث، لاحتمال تطهره، فيجوز أن يستصحب كلي الحدث، ويرتب عليه آثاره، كما يجوز أن يستصحب نفس الفرد ويرتب عليه آثار الفرد، فالاستصحابان جاريان (1)، فلا إشكال في حجية هذا القسم.
القسم الثاني:
ما إذا وجد الكلي ضمن فرد مردد بين شخصين، علم ببقاء أحدهما - على تقدير وجوده - وعلم بارتفاع الآخر - على فرض وجوده أيضا - كما لو خرج من شخص بلل مردد بين البول والمني، ثم توضأ، فإنه في هذا الحال يتيقن بحصول الحدث الكلي ضمن هذا الفرد المردد - أي البلل المشتبه - فإن كان بولا فقد ارتفع الحدث بالوضوء يقينا، وإن كان منيا فهو باق قطعا أيضا، لأن حدثه حينئذ حدث أكبر لا يرتفع بالوضوء، فعلى القول بجريان استصحاب الكلي، يستصحب - هنا - كلي الحدث، فتترتب عليه آثار كلي الحدث، مثل حرمة مس المصحف الذي يترتب على الحدث الأكبر والحدث الأصغر معا، لكن لا يترتب عليه آثار خصوص الحدث الأكبر أو الأصغر، فلا يحرم عليه دخول المسجد أو قراءة العزائم المترتبان على خصوص الحدث الأكبر.
والمعروف حجية مثل هذا الاستصحاب أيضا وإن أورد الشيخ الأنصاري عن المحقق القمي بعض الإشكالات عليه، فإنها قد أجيب عنها.
ويترتب على هذا الاستصحاب وجوب الجمع بين الطهارتين: الغسل والوضوء، ليستيقن برفع الحدث.
القسم الثالث:
وهو ما إذا علم بوجود الكلي ضمن فرد خاص، ثم علم بارتفاعه واحتمل وجود فرد آخر له غيره، وهذا على نحوين:
الأول - أن يحتمل حدوث الفرد الثاني مع حدوث الفرد الأول، أو في ظرف وجوده.
الثاني - أن يحتمل حدوثه مقارنا لارتفاع الأول، وهذا على نحوين أيضا:
أ - أن يكون الفرد الحادث مباينا للفرد المعدوم، كما لو علمنا بوجود كلي الإنسان ضمن