" وتحريم تفويت هذه الأصول الخمسة والزجر عنها يستحيل أن لا تشتمل عليها ملة من الملل، وشريعة من الشرائع التي أريد بها إصلاح الخلق، ولذلك لم تختلف الشرائع في تحريم الكفر، والقتل، والزنا، والسرقة، وشرب المسكر " (1).
ثانيا - الحاجي:
ويريدون به " ما يقع في محل الحاجة لا الضرورة " (2)، ومثل له الغزالي بتسليط الولي على تزويج الصغير والصغيرة، فذلك لا ضرورة إليه، لكنه محتاج إليه في اقتناء المصالح، وتقييد الأكفاء، خيفة من الفوات، وطلبا للصلاح المنتظر في المآل (3).
ومن جملة ما مثل له الخضري: إباحة الصيد، والتمتع بالطيبات، وجواز المساقاة، والقراض، والسلم، وتضمين الصناع، ونحو ذلك (4).
ثالثا - التحسيني:
وقد يعبر عنه ب " الكمالي " (5) أيضا، وعرفه الغزالي بقوله: " هو ما لا يرجع إلى ضرورة ولا حاجة، ولكن يقع موقع التحسين والتزيين والتيسير للمزايا والمزائد، ورعاية أحسن المناهج في العادات والمعاملات " (1).
ومثل له الغزالي بسلب العبد أهلية الشهادة مع قبول فتواه، ومن جملة ما مثل له الخضري: أخذ الزينة والتقرب بالنوافل، وآداب الأكل والشرب وتجنب الإسراف... ونحوها (2).
وهذه المصالح مرتبة حسب الأهمية كما هو معلوم.
الأقوال في الاستصلاح:
اختلف الأصوليون - بشكل عام - في حجية الاستصلاح على قولين، فذهب بعضهم إلى الحجية مطلقا، وآخرون إلى عدمها.
أولا - المثبتون للاستصلاح:
المثبتون لحجية الاستصلاح بصورة مطلقة هم المالكية، والحنابلة، فذهب مالك وأحمد ومن تابعهما إلى أن الاستصلاح طريق شرعي لاستنباط الحكم فيما لا نص فيه ولا إجماع، وأن المصلحة المطلقة التي لا يوجد من الشرع ما يدل على اعتبارها، ولا على إلغائها، مصلحة صالحة لأن يبنى عليها الاستنباط (3).
ونقل عن مالك: أنه جوز ضرب المتهم