الأول - ما يحتاج في تحققه إلى آلات جسمية، كالكتابة والصياغة ونحوهما، ففي هذه الأفعال تقوم النفس بفاعليتين:
الأولى - فاعلية مباشرة: وهي فاعلية النفس في تحريك العضلات لتحقق الفعل. وهنا تقع بين النفس وحركة العضلات مبادئ الإرادة من التصور والتصديق والعزم ونحو ذلك.
الثانية - فاعلية غير مباشرة: وهي فاعلية النفس بواسطة العضلات التي تقوم بعملية الكتابة والصياغة ونحوهما.
الثاني - ما لا يحتاج في تحققه إلى واسطة جسمية، إما لعدم احتياجه إلى واسطة أصلا أو لاحتياجه إلى واسطة غير جسمية، مثل اختراع النفس الصور الذهنية، كما يخترع المهندس - مثلا - صورة هندسية في نفسه، فإن تصور هذه الصورة لا يحتاج إلى وسائط ومقدمات - كتصور هذه الصورة المتصورة والتصديق بفائدتها والشوق والعزم في تحريك العضلات، بل قد لا يمكن ذلك، لعدم كون التصور مبدأ للتصور - بل الصورة الهندسية تحصل بخلاقية النفس، فالنفس فاعلة وموجدة لهذه الصورة.
ثم قال: إن العزم والإرادة والقصد كل ذلك من أفعال النفس، وما هذا شأنه لم يقع بينه وبين النفس إرادة أخرى، ليلزم التسلسل، أو الجبر في الإرادة (1).
4 - وأما بالنسبة إلى نسبة الأفعال الصادرة منا إلى إرادة الله تعالى فقد بين المذهب الحق، وهو الأمر بين الأمرين بما هو معروف وتقدم بيانه (1).
سابعا - نظرية السيد الصدر:
والذي يمكن أن نستخلصه مما قاله هو:
1 - إنه لم يناقش في حتمية تحقق الإرادة بعد وجود مقدماتها.
2 - إنه ركز نقاشه في عمومية قاعدة " الشئ ما لم يجب لم يوجد "، ثم في وجوب وجود الفعل بعد تحقق الإرادة، وقد تأثر في ذلك بالمحقق النائيني والسيد الخوئي، وحاصل ما أفاده هو:
أ - أن قاعدة " الشئ ما لم يجب لم يوجد " ليست قاعدة عقلية مبرهنة، حتى لا يجوز تخصيصها، بل هي قاعدة وجدانية من المدركات الأولية للعقل.
ب - أن الإمكان الذاتي لا يكفي للوجود، بل يحتاج إلى أمر آخر، وهو - بحكم العقل - أحد أمرين:
1 - الوجوب بالغير، فإذا وجب الشئ بالغير وجب وجوده.
2 - السلطنة، فإذا اتصفت ذات بالسلطنة أمكن صدور الفعل منها (2)، إلا أن صدوره لم يكن