النيابة في الاستخارة:
قلما تعرض الفقهاء لهذا الموضوع في كتبهم الفقهية، نعم نقل المجلسي في البحار عن السيد ابن طاووس في كتابه " فتح الأبواب " أنه قال:
" اعلم أني ما وجدت حديثا صريحا أن الإنسان يستخير لسواه ".
ثم أخذ يستدل على الجواز بكون الاستخارة ذلك في أوان بلوغي - فاستخرت الله عند المرحوم السيد الخوئي تغمده الله برحمته الواسعة، فاستخار لي بالمصحف الشريف - ولا أذكر الآية بالخصوص إلا أنها كانت من سورة يوسف - فقال لي: إن الذي تقصده فيه مشاكل وصعوبات إلا أن عاقبته جيدة.
فتوكلت على الله وسرت مع الركب، وبعد سويعات من خروجنا من الكوفة - وقد اخترنا طريق الماء على طريق البر - واجهنا عاصفة شديدة ومطرا غزيرا كأفواه القرب، وكان قد أقبل علينا الليل، ومع ذلك فقد جهدنا أن نسير لكن لم نتمكن فتوقفنا في سقيفة قرب " العباسية " - وهي تبعد عن الكوفة نحو فرسخين - وقد حطمتها العاصفة، ثم رجعنا إلى الكوفة راكبين، وبقينا تلك الليلة في بيت أحد أقربائنا. ولما أصبحنا ذهب جماعة ليتفحصوا ويجدوا الطريق هل يمكن السير فيه أو لا؟ لكني ترددت في أصل السير، فاستخرت الله بالمصحف الشريف فخرجت هذه الآية الشريفة:
* (وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي...) * - البقرة: 196 - فذكرت ذلك للرفقة فصمم الجميع على المسير، فسرنا على بركة الله سالمين آمنين، والحمد لله رب العالمين. (*) من أنواع الدعاء والتوسلات، وقد وردت أحاديث عديدة تتضمن الحث على [طلب] قضاء حوائج الإخوان من الله تعالى بالدعوات والتوسلات.
وعلق عليه المجلسي بقوله: " ما ذكره السيد من جواز الاستخارة للغير لا يخلو من قوة... " - إلى أن قال -: " لكن الأولى والأحوط أن يستخير صاحب الحاجة لنفسه، لأنا لم نر خبرا ورد فيه التوكيل في ذلك ".
ثم ذكر أنه لم يرد في رواية: أن أصحاب الأئمة كانوا يلتمسون منهم أن يستخيروا لهم (1).
وقال صاحب الحدائق: " المفهوم من ظواهر الأخبار الواردة في الاستخارة: أن صاحب الحاجة هو المباشر للاستخارة، ولم أقف على نص صريح أو ظاهر في الاستنابة فيها، إلا أن من عاصرناهم من العلماء كلهم على العمل بالنيابة " (2).
وقال الشيخ الكبير كاشف الغطاء: " لا بأس بالتوكيل عليها كسائر التوكيلات " (3).
ومع ذلك كله فقد استشكل صاحب الجواهر في النيابة، ثم أنكر أن يكون ما هو متداول، من النيابة، قال: "... بل قد يقال: إنه ليس من النيابة