وبعد ذكر بعض الروايات الدالة على عدم اعتبارهما -:
" وبالجملة فالمسألة قوية الإشكال، إذ المستفاد من الآية الشريفة تعلق الوجوب بالمستطيع، وهو القادر على الحج، سواء كانت استطاعته بالقدرة على تحصيل الزاد والراحلة أو بالقدرة على المشي، كما اعترف به الأصحاب في حق القريب " (1).
وقال الثاني - بعد نقل كلام المحقق والعلامة في اعتبار الاستطاعة الشرعية -:
" أقول: وعلى هذه المقالة اتفقت كلمتهم (رضوان الله عليهم) كما سمعته من كلام العلامة، ومقتضى ذلك - كما صرحوا به -: أنه لا يجزي الحج ماشيا مع الإمكان لو لم يملك الراحلة. وعندي فيه إشكال، حيث إن الآية قد دلت على أن شرط الوجوب الاستطاعة، والاستطاعة لغة وعرفا:
القدرة، وتخصيصها بالزاد والراحلة يحتاج إلى دليل واضح " (2).
تنبيهات:
وهنا لا بد من التنبيه على أمور:
الأول - اختلف الفقهاء في اشتراط الراحلة للمكي ونحوه ممن يمكنه إتيان المناسك ماشيا، فاشترط بعضهم وجودها أيضا، ونفاه بعض آخر، وأطلق آخرون.
فممن اشترط وجودها: الفاضل الأصفهاني (1)، والسيد اليزدي (2)، والسيد الخوئي (3). واشترط الشهيد الثاني وجودها في صورة عدم التمكن من إتيان المناسك بدونها (4).
وممن نفى اشتراطها أو يظهر منه ذلك: الشيخ في المبسوط (5)، والمحقق (6)، والعلامة (7)، وصاحب المدارك (8)، وصاحب الجواهر (9).
وأطلق الأكثر - كما قال صاحب الجواهر (10) - ولم يقيدوا اشتراط الزاد والراحلة بالبعيد.
ولعله يمكن الجمع بين الجميع بأن نحمل كلام القائلين بالاشتراط للقريب على صورة حصول المشقة والحرج من أداء مناسك عرفة ومنى ماشيا، لكن الاشتراط عندئذ ليس من جهة توقف صدق