ضروريا وواجبا، كما في الوجوب بالغير.
وهذه السلطنة يمكن إثباتها في الله تعالى وإقامة البرهان عليها، ويرجع البحث فيها إلى قدرته تعالى.
وأما في الإنسان، فينحصر إثباتها عن طريق الوجدان أو الشرع، فإننا نعلم بالوجدان أنه لو حصل فينا شوق أكيد نحو شئ، لا نقدم عليه مقهورين، ولا يدفعنا إليه أحد، بل نقدم عليه بالسلطنة - التي فينا - فلنا أن نفعل ولنا ألا نفعل.
3 - وأما بالنسبة إلى صدور الفعل من الإنسان أو منه تعالى، وصحة نسبة الفعل إليهما أو إلى أحدهما فقال ما خلاصته:
إن الفروض المتصورة خمسة: أن يكون الفاعل هو الله تعالى فقط، أو يكون الإنسان فقط، أو يكون كليهما والإنسان هو المباشر، أو يكون كليهما والمباشر هو الله تعالى لكن الإنسان لا يعدو عن كونه مقدمة إعدادية، أو يكون الفعل له فاعل واحد، لكن يكون من جهة هو الله تعالى، ومن جهة أخرى هو الإنسان، فبلحاظ أن نسبة العبد إلى الله نسبة الربط والفناء والاندكاك يكون فعله فعل الله تعالى، وبلحاظ عدم اندكاكه يكون الفعل فعله.
ثم قال: إن الأول مذهب الأشاعرة، وهو باطل بالوجدان، والثاني مذهب المعتزلة وهو باطل بالبرهان، والخامس مذهب عرفاء الفلاسفة، وهو معنى لا نفهمه، فيبقى المعنيان الثالث والرابع، وهما محتملان.
ولكن إذا ثبت وجود مفهوم السلطنة في الإنسان فيبطل الوجه الرابع ويبقى الوجه الثالث هو الصحيح، وهو أن يكون الفاعل المباشر - والمختار - هو الإنسان، والله - تعالى - هو الفاعل غير المباشر من باب أن هذه القوى مخلوقة - حدوثا وبقاء - له تعالى، ومفاضة آنا فآنا ومعطاة من قبله تعالى (1).
الإرادة تكوينية وتشريعية:
قسموا الإرادة إلى إرادتين: تكوينية وتشريعية، واختلفت التعابير في كيفية التفرقة بينهما:
1 - قال صاحب الكفاية: إن الإرادة التكوينية هي العلم بالنظام على النحو الكامل التام.
وأما التشريعية، فهي العلم بالمصلحة في فعل المكلف (2).
وإنما ذكر هذا التفسير بالنسبة إلى إرادته تعالى، وأما بالنسبة إلى إرادة الإنسان فلم يذكر شيئا.
2 - وقال المحقق الإصفهاني: إن تقسيم الإرادة إلى تكوينية وتشريعية باعتبار تعلق الأولى بفعل المريد نفسه، وتعلق الثانية بفعل الغير، أي المراد منه.