استحباب لغة:
قال الجوهري في الصحاح: " الاستحباب كالاستحسان " (1)، وعلق عليه في مختار الصحاح بقوله: " قلت: استحبه عليه أي آثره عليه واختاره، ومنه قوله تعالى: * (فاستحبوا العمى على الهدى) * (2)، واستحبه: أحبه، ومنه المستحب " (3).
اصطلاحا:
يظهر من استعمالات الفقهاء والأصوليين لكلمتي " الاستحباب " و " الندب " ترادفهما.
واشتهر تعريف الاستحباب أو الندب بأنه:
طلب الفعل مع عدم المنع من الترك، أو رجحان الفعل مع عدم المنع من الترك، في مقابل الوجوب الذي هو: طلب الفعل مع المنع من الترك.
لكن لم يرتض المتأخرون هذا التعريف، لأن الحكم - الوجوب والاستحباب وغيرهما - عندهم أمر بسيط غير مركب، وهو إما الإرادة نفسها، فإن كانت شديدة فتفيد الوجوب وإن كانت ضعيفة فتفيد الاستحباب، وإما منتزع من مقام إبراز الإرادة، فإن كان منشأ الانتزاع إرادة شديدة فينتزع منها الوجوب، وإن كانت إرادة ضعيفة فينتزع منها الاستحباب، إلى آخر ما ذكروه من المباني في بيان حقيقة الحكم والوجوب.
نعم، قالوا: إن المنع من الترك لازم للإرادة الشديدة في الوجوب، وعدم المنع لازم للإرادة الضعيفة في الاستحباب، وإنما ذكرا في التعريف تقريبا للأذهان، ولبعضهم كلام في ذلك أيضا (1).
الاستحباب في النصوص:
وردت مشتقات كلمة " الاستحباب " مثل " يستحب " و " تستحب " في النصوص، ولكن أريد منها في الأغلب المعنى اللغوي، كما في قوله تعالى:
* (فاستحبوا العمى على الهدى) *، و * (استحبوا الكفر على الإيمان) *، و * (الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة) * (2)، وكما في قوله (عليه السلام): " تستحب عرامة