الحكم التكليفي للاستسقاء:
الظاهر أنه لا كلام في استحباب الاستسقاء إجمالا، لأنهم عدوا صلاة الاستسقاء من جملة الصلوات المندوبة مدعين على مندوبيته الإجماع (1)، ويكفي في استحباب الاستسقاء ما ورد فيه من السنة القولية والفعلية.
الحكمة في تشريع الاستسقاء:
تظهر الحكمة في تشريع الاستسقاء إذا عرفنا السبب المؤدي إلى الجدب وقلة الأمطار، والسبب الذي يؤدي إلى نزول البركات ورفع الجدب، فنقول:
إن المستفاد من الآيات والروايات: أن للمعاصي أثرا كبيرا في نزول البلاء وقطع البركات ومنها الأمطار، كما أن للاستغفار والتوبة من المعاصي والتوجه إلى الله تعالى أثرا بالغا في نزول البركات ودفع البلاء. ويمكن أن نعد ذلك من السنن الإلهية.
قال تعالى: * (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) * (2).
وقال تعالى: * (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) * (1).
وقال تعالى: * (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا) * (2).
وقال تعالى: * (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا) * (3).
وقال تعالى: * (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) * (4).
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أنه قال: " إذا غضب الله على أمة ثم لم ينزل بها العذاب غلت أسعارها، وقصرت أعمارها، ولم تربح تجارها، ولم تزك ثمارها، ولم تغزر أنهارها، وحبس عنها أمطارها، وسلط الله عليها أشرارها " (5).
فإذا كانت المعاصي من المؤثرات في جدب الأنهار وقلة الأمطار، والتوجه إلى الله تعالى، والاستغفار والتوبة والإنابة إليه مؤثرا في دفع البلاء وفي نزول البركات فيتضح ما للاستسقاء من الحكمة، لأن الاستسقاء من طرق التقرب إلى الله