الشموس (1) وقد ضيقا في جريان الاستصحاب، مستندين في ذلك إلى الأخبار.
وأما الوحيد البهبهاني، فقد كتب رسالة مستقلة في الاستصحاب، وتطرق له في كتابه الفوائد الحائرية (2) مؤكدا حجيته، ومستندا في ذلك إلى العقل والنقل.
وجعل تلميذه المحقق القمي فصلا مشبعا خاصا بالاستصحاب في قوانين الأصول (3) ذكر فيه أقسامه والأقوال فيه، واختار الحجية مطلقا، ثم استدل عليه بالعقل والنقل.
وهكذا تعرض له صاحب الفصول في الفصول الغروية (4)، والسيد محمد الطباطبائي في مفاتيح الأصول (5) بصورة مستقلة وغيرهما من معاصريهم الذين كانوا بكثرة - والحمد لله - بفضل جهود الوحيد البهبهاني قدس الله نفسه الزكية.
وأخيرا جاء الشيخ الأنصاري ليجمع شمل ما تفرق في الكتب حول الموضوع، ورتب أبحاثه ترتيبا فنيا، فبحث في تعريف الاستصحاب، وعن كونه أصلا أو أمارة، وأنه مسألة أصولية أو لا؟
وعن أقسامه، والأقوال فيه، والاستدلال على كل قول ومناقشته، وذكر في التنبيهات بعض الأمور المهمة، كالاستصحاب الكلي، والتعليقي، والاستصحاب في الزمان، ونحو ذلك، ثم ذكر شروط الاستصحاب ثم ما يعارضه من الأصول والأمارات، ومعارضته مع نفسه.
وهكذا بدأ الاستصحاب بسطرين في كلام الشيخ المفيد، وانتهى في كلام الشيخ الأنصاري إلى رسالة كبيرة، بل كتاب مستقل يتضمن أبحاثا أصولية في غاية الدقة والعمق (1).
وأما بعد الشيخ الأنصاري، فلم يطرأ عليه تغيير جوهري.
الاستصحاب أصل أو أمارة؟
ذكروا للفرق بين الأصول العملية والأمارات وجوها، منها:
1 - إن الأمارات لم يؤخذ في موضوعها الشك بخلاف الأصول، فإنها أخذ الشك في موضوعها، فلذلك تكون الأصول العملية وظائف تعبدية في حالة الشك، فإن أصل البراءة يكون حجة عند الشك في أصل التكليف مثلا، وأما خبر الثقة - وهو من الأمارات - فلا تتوقف حجيته على صورة الشك، فلو قلنا بحجيته يكون حجة مطلقا، سواء كنا شاكين أو لا.
2 - إن الأمارات بنفسها ومع قطع النظر عن