3 - إن الفعل الاختياري الصادر من الإنسان له جهتان: فمن جهة مستند إلى الإرادة الأزلية، وهي إرادة البارئ تعالى، ومن جهة أخرى مستند إلى ذات الإنسان، وذلك لأن مبادئ الإرادة على قسمين: فبعضها مستندة إلى إرادة الله تعالى الأزلية كعلم الإنسان وقدرته ونحوهما، وبعضها مستندة إلى ما تقتضيه ذات الإنسان، وهو الاختيار، فلا يكون فعل الإنسان مفوضا إليه بقول مطلق، ولا مستندا إليه تعالى كذلك. وعندئذ يصدق:
لا جبر ولا تفويض، بل أمر بين الأمرين (1).
رابعا - نظرية المحقق النائيني:
وحاصل ما أفاده هو:
1 - إن الإرادة ومقدماتها غير اختيارية، ويستنبط منه: أن الإرادة متى ما تحققت مقدماتها وجدت بالضرورة.
2 - إن الفعل الذي تعلقت به الإرادة لا يصير ضروري الوجود بمجرد تعلق الإرادة به، بل للنفس قدرة وسلطة على اختيار إيجاده وعدمه. وبعبارة أخرى: إن هناك أربع مراحل لتحقق الفعل الاختياري، وهي: تصور الفعل، والتصديق بفائدته، والشوق المؤكد بالنسبة إليه - المعبر عنها بالإرادة - والاختيار، وهو تأثير النفس في حركة العضلات نحو تحقق الفعل، فالنفس هي الفاعل المباشر لحركة العضلات المستلزم لوجود الفعل، وهذه الفاعلية ذاتية، وليست خارجية، وهي التي نعبر عنها ب " الطلب ".
3 - إن الفعل من حيث إنه يصدر عن اختيار العبد، فهو منتسب إليه، وبما أن إفاضة الوجود والقدرة وغيرهما من مبادئ الفعل مستمرة من قبله تعالى، فالفعل منتسب إليه، له جهتان واقعيتان، بكل جهة ينتسب إلى فاعل، فيثبت الأمر بين الأمرين (1).
خامسا - نظرية السيد الخوئي:
وقد أسهب في الموضوع، وحاصل ما يستفاد منه هو:
1 - إنه لم يناقش في حتمية تحقق الإرادة بعد تحقق مقدماتها.
2 - إنه ركز نقاشه في ضرورة وجود الفعل الذي تعلقت به الإرادة بعد تحققها، وصرح بأن الإرادة مهما بلغت ذروتها لا يترتب عليها الفعل كترتب المعلول على علته التامة، بل الفعل على الرغم من وجود الإرادة وتحققها يكون تحت اختيار النفس وسلطانها، فلها أن تفعل، ولها أن لا تفعل (2).
وقال: إن الله - عز وجل - خلق النفس الإنسانية واجدة لهذه السلطنة والقدرة، وهي ذاتية لها وثابتة في صميم ذاتها، ولأجل هذه السلطنة تخضع العضلات لها وتنقاد في حركاتها، فلا تحتاج