وفصل المحقق العراقي في هذا التفصيل أيضا، وقال ما حاصله: إن المستصحب إذا تغير عرفا مع تبدل المبدأ بحيث لم تحفظ الوحدة العرفية بين المتيقن والمشكوك، فلا يجري الاستصحاب، مثل تغيير التكلم بسبب تغير الداعي من قراءة القرآن إلى الدعاء، فلو علمنا بتكلم زيد ضمن قراءة القرآن، ثم شككنا في بقائه على التكلم بعد العلم بارتفاع التكلم القرآني، وكان منشأ الشك احتمال وجود داع آخر غير الداعي الأول - كداعي الدعاء مثلا - فلا يصح استصحاب تكلمه، لأن التكلم القرآني وبداعي قراءة القرآن، غير التكلم الدعائي وبداعي الدعاء.
نعم، لو لم يكن كذلك جرى فيه الاستصحاب، ولا يبعد أن يكون جريان الماء مع احتمال تبدل منبع جريانه من هذا القبيل (1).
ثالثا - استصحاب الأمور المقيدة بالزمان:
وذلك كما إذا وجب الإمساك، أو الجلوس، أو الوقوف في زمان معين، وبعد ذلك شككنا في بقاء الوجوب، فهل يجري استصحاب الوجوب أو لا؟
أطلق الشيخ الأنصاري عدم الجريان (2)، لأن المقيد بالزمان لا يعقل فيه البقاء، وربما يظهر من ذيل كلامه - كما نسب إليه أيضا (3) - أن الزمان إن كان ظرفا جرى فيه الاستصحاب، وإن كان قيدا فلا يجري.
وفصل المحقق الخراساني في ذلك، وحاصله:
أن منشأ الشك في بقاء الحكم المقيد متعلقه بزمان خاص يتصور على وجهين:
الأول - أن يكون الشك ناشئا من الشك في بقاء القيد - أي نفس الزمان - كما إذا شك في بقاء النهار وكان وجوب الإمساك مقيدا به، سواء كان الشك في بقاء القيد على نحو الشبهة الموضوعية كما إذا علمنا بانتهاء النهار باستتار القرص مثلا، وشككنا في تحقق الاستتار وعدمه، أو على نحو الشبهة الحكمية، كما إذا لم نعلم أن انتهاء النهار هو استتار القرص، أو ذهاب الحمرة المشرقية؟
الثاني - أن يكون الشك ناشئا من أحد أمرين:
1 - من احتمال كون قيد الزمان (1) على نحو وحدة المطلوب، مع احتمال وجود ملاك ملزم لبقاء الحكم في الزمان اللاحق، كما إذا وجب الجلوس في المسجد نهارا، بحيث كان المطلوب هو الجلوس النهاري، لكن احتملنا وجود ملاك وجوب الجلوس في الليل أيضا.
2 - من احتمال كون القيد على نحو تعدد المطلوب، بحيث يكون الجلوس في المسجد في حد