الصبي في صغره، ليكون حليما في كبره " (1)، فإن عرامة الصبي - وهي شراسته - أمر تكويني خارج عن إرادة الإنسان، فلا معنى لتعلق التكليف به.
لكن هناك روايات أخرى لا يبعد أن تكون قد استعمل فيها الاستحباب في المعنى الاصطلاحي، مثل ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام)، قال: " سألته عن التكبير أيام التشريق أواجب هو أم لا؟ قال: يستحب، فإن نسي فليس عليه شئ " (2)، فإن المقابلة بين الواجب والمستحب قرينة على إرادة واقع المعنى الاصطلاحي وإن فرضنا عدم اصطلاحه في هذا المعنى آنذاك، ويؤيده أن المعنى اللغوي - وهو حب الشئ واستحسانه وإيثاره على غيره - لا ينافي الوجوب (3).
ما يدل على الاستحباب:
لا إشكال في أن مادة الأمر مثل " آمرك " ونحوه، وصيغته مثل " اضرب " تدلان على الاستحباب لو اقترنتا بما يصرفهما عن الوجوب، سواء كانت القرينة لفظية أو حالية أو حاصلة من جهة تعارض النصوص والأدلة.
وأما إذا لم تقترنا بذلك، فإن اقترنتا بما يدل على الوجوب دلتا عليه، وإن خلتا من القرينة فالمعروف بين المحققين المتأخرين حملهما على الوجوب، والمنقول عن صاحبي المعالم والمدارك، والمحققين الخوانساري والسبزواري التوقف في ذلك فيما إذا كان في كلام الأئمة - لا القرآن وكلام النبي (صلى الله عليه وآله) -، لكثرة ورود الأمر في كلامهم في الاستحباب (1).
الاستحباب نفسي وغيري:
الاستحباب قد يكون نفسيا أو غيريا، لأن المستحب قد يكون مستحبا لنفسه لا لغاية أخرى، كالكثير من المستحبات، مثل النوافل اليومية والصوم المستحب في المناسبات الخاصة كيوم عرفة، والطهارات الثلاث بناء على استحبابها ذاتا، وقد يكون مستحبا لغيره، مثل الطهارات الثلاث التي تستحب لأجل غاياتها بناء على عدم استحبابها ذاتا، كالوضوء للصلاة المندوبة، ولدخول المسجد،