لكن المتفق عليه منها اثنان:
1 - تصور الشئ وتصور فائدته.
2 - التصديق بثبوت هذه الفائدة والنفع لذلك الشئ.
فإذا حصل هذان المبدئان يحصل عقيبهما الشوق إلى ذلك الشئ، فإذا تأكد هذا الشوق، تحصل الإرادة وتتحرك العضلات نحو المراد عندئذ (1).
هل الإرادة اختيارية، أو لا؟
سؤال واجه الإنسان منذ زمن بعيد، وتضاربت فيه الأفكار، وانزلقت به الأقدام، وقد تورط فيه الأصوليون عند تورطهم في البحث عن اتحاد الطلب والإرادة، ونحن ندخل في الموضوع في حدود ما تعرض له الأصوليون المتأخرون باختصار، فنقول:
تبلورت شبهة عدم اختيارية الإرادة في أذهان بعض الناس - سواء كانوا إلهيين أو غير إلهيين، ومسلمين أو غير مسلمين - واستدل بعضهم على ذلك: بأن الإرادة إما أن تكون اختيارية، أو لا. فإن كانت اختيارية فهي بحاجة إلى إرادة أخرى، وننقل الكلام إلى الإرادة الثانية ونتساءل هل هي اختيارية أو لا؟... وهكذا، فيلزم التسلسل وهو باطل، إذن لا يبقى إلا الالتزام بكونها غير اختيارية.
ولو حللنا السؤال المتقدم فهو ينحل في الواقع إلى ثلاثة أسئلة حول الإرادة، كل منها ينظر إليها من جهة، وهذه الأسئلة هي (1):
1 - هل الإرادة - في حد ذاتها - ضرورية الوجود بعد تحقق مقدماتها؟
2 - وهل يجب وجود الفعل الذي تعلقت به إرادة الإنسان من حيث كونه إنسانا وفاعلا مباشرا؟
3 - وهل يجب وجود فعل العبد من حيث كونه متعلقا لإرادة الباري تعالى؟
وفيما يلي نشير إلى خلاصة نظريات الأصوليين في هذا المجال:
أولا - نظرية المحقق الخراساني:
وحاصل ما أفاده هو: أن الإرادة إذا تحققت مبادئها ومقدماتها فلا تتخلف، وإذا تحققت الإرادة فيتحقق ما تعلقت به - أي: المراد - لكن يرى أن مقدمات الإرادة لم تكن جميعها خارجة عن الاختيار، بل بعضها اختياري، كالتفكر في عاقبة الفعل وما يترتب عليه من آثار حسنة أو سيئة، وبهذه النكتة يتخلص من الشبهة المتقدمة.
وأما بالنسبة إلى السؤال الثالث فهو يقول: