ثانيا - استصحاب أحكام هذه الشريعة:
المعروف جريان هذا الاستصحاب، وقد قال بجريانه حتى الأمين الاسترآبادي الذي أنكر جريان الاستصحاب (1).
ويرد عليه إشكال تعدد الموضوع، من جهة أن المخاطبين بالتكليف هم الذين كانوا موجودين عند التشريع، والذين يتمسكون بالاستصحاب لم يكونوا موجودين.
والجواب نفس الجواب، وهو: أن الأحكام تصدر على نحو القضايا الحقيقية.
وهنا لم يرد إشكال المحقق النائيني، لأن الأحكام أحكام شريعة واحدة لا شريعتين حتى تحتاج إلى إمضاء. ولم يرد إشكال الإمام الخميني، لعدم وجود عنوان مغاير للعنوان المنطبق على الموجودين فعلا، لأنهم متحدون في كونهم مسلمين.
نعم، يرد إشكال السيد الخوئي، ولذلك قال بعد ذكر الإشكال المتقدم الذي أورده على استصحاب عدم نسخ أحكام الشريعة السابقة:
" فالتحقيق: أن هذا الإشكال لا دافع له، وأن استصحاب عدم النسخ مما لا أساس له، فإن كان لدليل الحكم عموم أو إطلاق يستفاد منه استمرار الحكم فهو المتبع، وإلا فإن دل دليل من الخارج على استمرار الحكم، كقوله (عليه السلام): " حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة " فيؤخذ به، وإلا فلا يمكن إثبات الاستمرار باستصحاب عدم النسخ " (1).
ولا بد لمن أراد التمسك باستصحاب عدم النسخ من دفع هذا الإشكال.
استصلاح لغة:
قيل: هو من استصلح الشئ، أي: عده صالحا (2)، وقيل: هو طلب الأصلح (3)، وقيل: هو طلب المصلحة، لأن السين والتاء للطلب (4).
لكن الأنسب أن يقال: هو طلب الصلاح، لأن السين والتاء إنما تدلان على طلب ما دخلا عليه، وهو " الصلاح " هنا.
اصطلاحا:
لما كان الأصل في هذا المصطلح هم العامة، فنحن ننقل كلامهم في هذا الموضوع: