خلق أعمى، أو يكون قد عمي بعد أن أبصر لكن بشرط علمه بالمبيع أو المشترى إما باللمس إن عرفه به أو بالذوق إن علمه به أو يوصف له وصفا يرفع الجهالة - وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد (1) - لعموم الجواز. ولأنه بيع صدر من أهله في محله، فكان سائغا. ولأن المقتضي موجود، والأصل، والمعارض لا يصلح للمانعية، لأنا فرضنا معرفته، فكان كما لو باع شيئا غائبا عنه يعلم بالمشاهدة. ولأن في الصحابة من كان أعمى ولم ينقل أنهم منعوا من البيع مع كثرتهم، ولو كانوا منعوا، لنقل. ولأن الأخرس تقوم إشارته مقام عبارته فالأعمى ينبغي أن يقوم مسه وذوقه وشمه مقام رؤيته.
وقال الشافعي: إن كان أكمه، لم يجز بيعه. وإن كان عمي بعد أن كان بصيرا، فإن اشترى ما لم يره، لم يجز البيع. وإن اشترى ما قد كان رآه، فإن كان الزمان يسيرا لا يتغير في مثله أو كان المبيع مما لا يتغير وإن مر عليه الزمان الطويل، فإن هذا يجوز له بيعه. فإن وجده متغيرا، ثبت له الخيار.
وإن كان قد مضى زمان يتغير فيه كأن رآه صغيرا (2) وقد صار رجلا، فإنه لا يصح بيعه.
هذا على القول بعدم جواز بيع خيار الرؤية، وأما على الجواز فهل يصح بيعه؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز أيضا، لأن بيع خيار الرؤية يثبت فيه الخيار متعلقا