والثاني له: لا يصح - وهو قول للشيخ (1) أيضا - لأن كل واحد منهما مبيع بقسطه من الثمن، وهو مجهول، بخلاف ما لو كانا لواحد، فإن جملة المبيع مقابلة بجملة الثمن من غير تقسيط، والثمن يتقسط على العبد المشترك والقفيزين بالأجزاء، فلا جهالة فيه (2).
ونحن نمنع الجهالة في المبيع، إذ مقتضاه مقابلة الجملة بالجملة لا الأجزاء بالأجزاء، ووجوب التقويم والبسط ليعرف كل واحد حقه بعد البيع، فلا يقتضي بطلانه.
مسألة 45: ذهب علماؤنا إلى أنه لا يصح بيع المكيل والموزون جزافا، لأنه غرر.
ولقول الصادق (عليه السلام): " ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصلح مجازفة " (3).
ولإفضائه إلى التنازع لو وجب ضمانه.
ولأن النبي (صلى الله عليه وآله) نهى عن بيع الطعام مجازفة وهو يعلم كيله (4). وكذا إذا لم يعلم كيله بل هو أبلغ في المنع، إذ الجهالة لما أبطلت من أحد الطرفين كان إبطالها من الطرفين أولى.
وقال أبو حنيفة والشافعي ومالك وأحمد - ولا نعرف لهم مخالفا من الجمهور -: إنه يصح، لقول ابن عمر: كنا نشتري الطعام من الركبان جزافا، فنهانا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن نبيعه حتى ننقله من مكانه. ولأنه معلوم بالرؤية، فصح بيعه، كالثياب (5).