أبو حنيفة والشافعي لا يجوز لأنه لا يجوز افراده بالبيع فلم يجز استثناؤه كالحمل ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الثنيا الا أن تعلم وهذه معلومة، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة ومعه أبو بكر وعامر بن فهيرة مروا براعي غنم فذهب أبو بكر وعامر فاشتريا منه شاة وشرطا له سلبها، وروى أبو بكر في الشفاء باسناده عن جابر عن الشعبي قال: قضى زيد بن ثابت وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بقرة باعها رجل واشترط رأسها فقضى بالشروى يعني ان يعطى رأسا مثل رأس، ولان المستثنى والمستثنى منه معلومان فصح كما لو باع حائطا واستثنى منه نخلة معينة، وكونه لا يجوز افراده بالبيع لا يمنع صحة استثنائه كما أن الثمرة قبل التأبير لا يجوز افرادها بالبيع بشرط كشرط التبقية ويجوز استثناؤها والحمل مجهول وفيه منع. فإن امتنع المشتري من ذبحها لم يجبر ويلزمه قيمة ذلك على التقريب نص عليه لما روي عن علي رضي الله عنه أنه قضى في رجل اشترى ناقة وشرط ثنياها فقال اذهبوا إلى السوق فإذا بلغت أقصى ثمنها فاعطوه بحساب ثنياها من ثمنها (فصل) فإن استثنى شحم الحيوان لم يصح نص عليه أحمد، قال أبو بكر لا يختلفون عن أبي عبد الله أنه لا يجوز ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الثنيا الا أن تعلم، ولأنه مجهول لا يصح افراده بالبيع فلم يصح استثناؤه كفخذها، وان استثنى الحمل لم يصح الاستثناء لما ذكرنا وهو قول أبي حنيفة ومالك والثوري والشافعي، نقل عن أحمد صحته، وبه قال الحسن والنخعي وإسحاق وأبو ثور لما روى نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما باع جارية واستثنى ما في بطنها، ولأنه يصح استثناؤه في العتق فصح في البيع قياسا عليه. ولنا ما تقدم في الصحيح من حديث ابن عمر أنه أعتق جارية واستثنى ما في بطنها لأن الثقات الحفاظ حدثوا بالحديث فقالوا أعتق جارية والاسناد واحد. قاله أبو بكر ولا يلزم من الصحة في العتق الصحة في البيع لأن العتق لا تمنعه الجهالة ولا العجز عن التسليم، ولا تعتبر فيه شروط البيع (فصل) وإن باع جارية حاملا بحر، فقال القاضي لا يصح وهو مذهب الشافعي لأنه يدخل في البيع فكأنه مستثنى. والأولى صحته لا المبيع معلوم وجهالة الحمل لا تضر لأنه ليس بمبيع ولا مستثنى باللفظ، وقد يستثنى بالشرع ما لا يصح استثناؤه باللفظ كما لو باع أمة مزوجة صح ووقعت منفعة البضع مستثناة بالشرع ولو استثناها بلفظه لم يجز، ولو باع أرضا فيها زرع للبائع أو نخلة مؤبرة وقعت منفعتها مستثناة مدة بقاء الزرع والثمرة ولو استثناها بقوله لم يجز (فصل) ولو باعه سمسما واستثنى الكسب لم يجز لأنه قد باعه الشريج في الحقيقة وهو غير معلوم فإنه غير معين ولا موصوف ولان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الثنيا إلا أن تعلم، وكذلك إن باعه قطنا، واستثنى الحب لم يجز للجهالة، وكذلك إن باعه السمسم واستثنى الشيرج لم يجز لذلك {مسألة} (ويجوز بيع ما مأكوله في جوفه وبيع الباقلا والجوز واللوز في قشريه والحب المشتد في سنبله) يجوز بيع ما مأكوله في جوفه كالرمان والبيض والجوز لا نعلم فيه خلافا لأن الحاجة تدعو إلى بيعه كذلك لكونه يفسد إذا أخرج من قشره
(٣٢)