وان أذن له السيد في ضمان أو كفالة ففعل صح وهل يتعلق بذمة السيد أو رقبة العبد؟ على وجهين وان رأى السيد عبده يتجر فلم ينهه لم يصر بذلك مأذونا له (الفصل الرابع) في تصرفاته إن كان مأذونا له في التجارة قبل اقراره في قدر ما أذن له ولم يقبل فيما زاد ولا يقبل اقرار غير المأذون له بالمال فإن أقر بعين في يده أو دين يتعلق برقبته لم يقبل على سيده لأنه يقر بحق على غيره فلم يقبل كما لو أقر أن سيده باعه ويثبت ذلك في ذمته يتبع به بعد العتق وان أقر بجناية استوى في ذلك المأذون له وغيره، وينقسم ذلك أقساما أربعة (أحدها) جناية موجبها المال كاتلافه أو جناية خطأ أو أشبه عمدا وجناية عمد فيما لا قصاص فيه كالجائفة ونحوها فلا يقبل اقراره بها لأنه اقرار بالمال فلم يقبل كما لو أقر بدارهم أو دنانير (القسم الثاني) جناية موجبها حد سوى السرقة أو قصاص فيما دون النفس فيقبل اقراره بذلك وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي، وقال زفر وداود والمزني وجرير لا يقبل لأنه يسقط به حق السيد فلا يقبل كالاقرار بجناية الخطأ ولنا ما روي عن علي رضي الله عنه انه قطع يد عبد باقراره السرقة وجلد عبدا أقر عنده بالزنا نصف الحد ولا مخالف له في الصحابة فكان اجماعا ولان ما لا يقبل اقرار السيد فيه على العبد يقبل فيه اقرار العبد كالطلاق ولان العبد غير متهم فيه لأن ضرره بهذا أخص وهو بألمه أمس فقبل اقراره كما لو أقرت به الزوجة وخرج على هذين المعنيين جناية الخطأ فإن اقرار السيد بها مقبول ولا يتضرر العبد بها (القسم الثالث) اقراره بالسرقة يقبل في الحد فيقطع، ولا يقبل في المال سواء كانت العين تالفة أو باقية في يد السيد أو في يد العبد وبهذا قال الشافعي، ويحتمل ان لا يقطع إذا أقر بسرقة عين موجودة في يده وبهذا قال أبو حنيفة لأن العين محكوم بها لسيده فلا يقطع بسرقة عين لسيده ولان المطالبة بالمسروق شرط في القطع وهذه لا يملك غير السيد المطالبة بها ولان هذا شبهة والحدود تدرأ بالشبهات ولنا خبر علي رضي الله عنه ولأنه مقر بسرقة عين تبلغ نصابا فوجب قطعه كما لو أقر حر بسرقة عين في يد غيره، وما ذكروه يبطل بهذه الصورة وإنما لم ترد العين إلى المسروق منه لحق السيد واما في حق العبد فقد يثبت للمقر له ولهذا لو عتق وعادت العين إلى يده لزمه ردها إلى المقر له (القسم الرابع) الاقرار بما يوجب القصاص في النفس فروي عن أحمد أنه لا يقبل وعموم قول الخرقي ان أقر المحجور عليه بما يوجب حدا أو قصاصا أو طلق زوجته لزمه ذلك يقتضي قبول اقراره وهو قول أبي حنيفة ومالك والشافعي لأنه أقر بما يوجب قصاصا فقبل كاقراره بقطع اليد، ولأنه أحد نوعي القصاص فقبل إقراره به كالآخر ولأنه لا يقبل إقرار سيده عليه به فقبل إقراره به كالحد، واحتج أصحابنا بأن مقتضى القياس أن لا يقبل إقراره بالقصاص أصلا لأنه إقرار على مال سيده ولأنه متهم إذ يحتمل أن يكون عن مواطأة بينهما ليعفو على مال فيستحق رقبة العبد ولذلك لم تحمل العاقلة اعترافا فتركنا موجب القياس لخبر علي رضي الله عنه ففيما عداه يبقى على موجب القياس، ويفارق القصاص في النفس القصاص في الطرف لأنه قد يحتمل أنه أراد التخلص من سيده ولو بفوات نفسه، وكل
(٢٩٩)