في موردهما ليس إلا أمر واحد، وهو البعث والزجر، والتكليف والوضع أمران انتزاعيان ينتزعان من ذلك بملاحظة المقامات، فمع تعلق البعث والزجر بنفس طبيعة شئ، كحرمة شرب الخمر ووجوب إعطاء الزكاة مثلا، يفهم منه التكليف، ومع تعلق ذلك بشئ في ضمن شئ، كالبعث نحو الطهارة في الصلاة، أو الزجر عن الكلام فيها، أو تعلقه بشئ مع شئ، كالبعث نحو الصلاة مع الطهارة، والزجر عن الصلاة في وبر ما لا يؤكل لحمه (1)، يفهم منه الوضع كالشرطية والمانعية والصحة والفساد.
فالموضوع له فيهما واحد، والقسمان أمران خارجان عن الموضوع له، فما المانع من استعمال ذلك في معناه، بحيث يفهم منه التكليف في مورد، والوضع في مورد آخر؟ ولذا ذكرنا في بحث التقية: أن صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام):
التقية في كل شئ اضطر إليه ابن آدم فقد أحله الله (2) قد استعملت فيها الحلية في معناها، وتشمل الرواية مورد التكليف والوضع كليهما (3)، فلو كان الفعل المتقى به متعلقا للحكم التكليفي، كالكذب - مثلا - يرتفع حكمه، وقد أحله الله، ولو كان متعلقا للحكم الوضعي، كالتكتف في الصلاة - مثلا - يرتفع حكمه أيضا، وقد أحله الله، فإن ثبوت الحل في مقام التكليف ترخيص تكليفي، وثبوت الحل في مقام الوضع ترخيص وضعي، وقد استعمل الحل في المقامين في معنى واحد، وهو الترخيص وعدم المنع. ومقامنا أيضا من هذا القبيل، فقوله (عليه السلام): لا يحل أي