فالحق إمكان تقدمه على المشروط وتأخره عنه، فإنه لا شبهة في أن المقتضي للمعلول حصة خاصة من طبيعي المقتضي لا نوعه، فالمؤثر في الاحراق الخارجي ليس مطلق النار، بل حصة خاصة من طبيعيها، وهي النار التي تماس الجسم المستعد باليبوسة لقبول الاحتراق، وحينئذ الخصوصية التي بها تخصصت الحصة المقتضية للمعلول، لا بد لها من محصل، وما به التحصل يسمى شرطا، وتلك الخصوصية هي النسبة القائمة بتلك الحصة حاصلة من إضافة الحصة إلى شئ ما، وهو الشرط، فالمؤثر في المعلول هو نفس الحصة الخاصة، والشرط محصل لخصوصيتها، وهو طرف الإضافة، وما يكون شأنه كذلك جاز أن يتقدم على ما يضاف إليه أو يقترن به أو يتأخر عنه (1).
هذا محصل كلامه فارجع إليه لملاحظة تمامه.
وفيه أولا: المؤثر في المعلول ليس الحصة الحاصلة بالإضافات والاعتبارات التخييلية، بل هو نحو وجود خاص متشخص من ناحية علله، فالنار بوجودها مقتضية للاحراق، من غير أن يكون الوقوع فيها والتماس معها وقابلية التأثر بها محصلات للحصة المؤثرة، وهو أوضح من أن يحتاج إلى البيان.
وثانيا: الإضافة إلى المتقدم أو المتأخر مما لا يعقل، فإنه من الإضافة إلى المعدوم، ولا تعقل فعلية الإضافة مع انعدام طرفها، فإن المتضايفين متكافئان قوة وفعلا، وهذا أيضا ظاهر، فالتخصص المتحصل من الإضافة المستحيلة مستحيل، ولذا ذكرنا: أن العلية والمعلولية والتقدم والتأخر الزماني وفي أجزاء الزمان - بالمعنى الإضافي المقولي - غير ممكنة، فإن في زمان المتقدم المتأخر معدوم وبالعكس.