كمن استحسن، والاستصلاح كالاستحسان متابعة للهوى " (1).
4 - وأما الحنفية: فيرون أنه إذا كان للمصلحة نص يمكن ردها إليه، فيمكن العمل بها، وإلا فإنها ملغاة لا تعتبر (2). وهذا يعني إرجاع الاستصلاح إلى القياس.
ونقل الشوكاني عن إمام الحرمين أنه:
" ذهب الشافعي ومعظم أصحاب أبي حنيفة إلى تعليق الأحكام بالمصالح المرسلة بشرط الملاءمة للمصالح المعتبرة المشهود لها بالأصول " (3).
5 - وأما الظاهرية: فالظاهر أنهم من النفاة أيضا، لأن ابن حزم وإن لم يتعرض للاستصلاح بصورة مستقلة، إلا أنه يمكن أن تستنبط نظريته حول الاستصلاح من كلامه حول الاستحسان والرأي (4).
وللغزالي - من الشافعية - تفصيل لا بأس في بيانه، وخلاصته:
أنه اعتبر في جواز التمسك بالمصلحة أمورا ثلاثة، وهي:
1 - أن تكون المصلحة ضرورية.
2 - أن تكون قطعية.
3 - أن تكون كلية.
فإن وجدت هذه الصفات في مصلحة ما كشفت عن وجود الحكم فيها، وأما إذا لم توجد، بأن كانت المصلحة حاجية، أو تحسينية، لا ضرورية، ولم تكن قطعية، بل محتملة، ولم تكن كلية بحيث تشمل العموم، بل كانت شخصية، لم تكشف عن الحكم فيها.
نعم، نقل عنه التمسك بالمصلحة الحاجية أيضا في " شفاء الغليل " (1).
وذكر مثالا لما يجري فيه الاستصلاح فقال:
" ومثاله أن الكفار إذا تترسوا بجماعة من أسارى المسلمين فلو كففنا عنهم لصدمونا وغلبوا على دار الإسلام وقتلوا كافة المسلمين، ولو رمينا الترس لقتلنا مسلما معصوما لم يذنب ذنبا، وهذا لا عهد به في الشرع، ولو كففنا لسلطنا الكفار على جميع المسلمين فيقتلونهم، ثم يقتلون الأسارى أيضا.
فيجوز أن يقول قائل: هذا الأسير مقتول بكل حال فحفظ جميع المسلمين أقرب إلى مقصود الشرع لأنا نعلم أن مقصود الشرع تقليل القتل كما يقصد حسم سبيله عند الإمكان فإن لم نقدر على الحسم قدرنا على التقليل، وكان هذا التفاتا إلى مصلحة علم