استفادة الدواليبي والطوفي.
ومقتضى هذا النوع من التعاريف إلحاقها بالسنة، والاجتهاد فيها إنما يكون من قبيل تحقيق المناط بقسمه الأول، أي تطبيق الكبرى على صغراها بعد التماسها - أعني الصغرى - بالطرق المجعولة من الشارع لذلك، ولا يضر في ذلك كونها غير منصوص عليها بالذات، إذ يكفي في إلحاقها بالسنة دخولها تحت مفاهيمها العامة ومتى اشترطنا في السنة ان تكون خاصة لتكون مصدرا من مصادر التشريع، فعدها - بناء على هذه التعاريف - في مقابل السنة لا يعرف له وجه.
وأما على تعاريفها الاخر فينحصر إدراكها بالعقل. والذي ينبغي ان يقال عنها انها تختلف من حيث الحجية باختلاف ذلك الادراك، فإن كان ذلك الادراك كاملا - أي إدراكا للمصلحة بجميع ما يتعلق بها في عوالم تأثيرها في مقام جعل الحكم لها من قبل المشرع - فهي حجة، إذ ليس وراء القطع، كما سبق تكراره، مجال لتساؤل أو استفهام، يقول المحقق القمي: (والمصالح اما معتبرة في الشرع وبالحكم القطعي من العقل من جهة إدراك مصلحة خالية من المفسدة كحفظ الدين والنفس والعقل والمال والنسل، فقد اعتبر الشارع صيانتها وترك ما يؤدي إلى فسادها (1)... الخ).
ولكن القول بحجيتها هنا لا يجعلها دليلا مستقلا في مقابل العقل، بل هي نفس ما عرضناه سابقا في مبحث حجيته.
وإن لم يكن إدراكه لها كاملا بأن كان قد أدرك المصلحة، واحتمل وجود مزاحم لها يمنع من جعل الحكم، أو احتمل انها فاقدة لبعض شرائط الجعل كما هو الغالب فيها، بل لا يتوفر الادراك الكامل إلا في حالات نادرة وهي التي تكون المصلحة ذاتية - كما سبق - فإن القول