الموضوع المفروض الوجود، فلذلك لا يؤثر عدم وجود المكلفين في هذه الشريعة عند صدور الأحكام في تلك الشريعة، كما هو كذلك بالنسبة إلى أفراد هذه الشريعة المعدومين عند صدور الأحكام في زمان تشريعها (1).
ولكل من المحقق النائيني والسيد الخوئي إشكال على هذا الجواب.
أما إشكال السيد الخوئي فحاصله: أن النسخ هو: بيان لأمد الحكم، والشك في النسخ معناه الشك في سعة الحكم المجعول وشموله للمعدومين، أو ضيقه واختصاصه بالموجودين، فيكون الشك بالنسبة إلى من لم يدرك الشريعة السابقة شكا في أصل التكليف وثبوته لا في بقائه كي يستصحب.
وأما بيان الأحكام بصورة القضايا الحقيقية، فهو أمر صحيح، لكن يتم بالنسبة إلى من شملهم التكليف، وهم المدركون للشريعة السابقة، فلا يرفع الإشكال (2).
وأما إشكال المحقق النائيني فحاصله:
أن الشريعة اللاحقة إما أن تنسخ جميع أحكام الشريعة السابقة أو بعضها؟
فعلى الأول، لا مورد للاستصحاب، لأنا لا نشك في بقاء شئ منها حتى نستصحبه، نعم إذا رأينا حكما يشبه حكم الشريعة السابقة، مثل إباحة الماء، فهو من جهة جعل حكم - في هذه الشريعة - مماثل للحكم المجعول في الشريعة السابقة.
وأما على الثاني، فإن بقاء حكم الشريعة السابقة وإن كان محتملا إلا أنه يحتاج إلى إمضاء جديد من هذه الشريعة، ولا أثر لمجرد استصحاب حكم الشريعة السابقة، وأما استصحابه لإثبات كونه مما أمضاه الشارع فهو من الأصل المثبت، وليس بحجة (1).
ووافقه على هذا الإشكال السيد الخوئي أيضا (2).
3 - وذكر الإمام الخميني إشكالا آخر على جريان استصحاب أحكام الشرائع السابقة، حاصله:
أننا نحتمل أن يكون المأخوذ في موضوع الحكم الثابت في الشرائع السابقة عنوان على نحو القضية الحقيقية لا ينطبق ذلك العنوان على الموجودين فعلا، كعنوان: " اليهود " و " النصارى " كما في قوله تعالى: * (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما...) * (3)، ومع احتمال تعدد الموضوع كيف يجري الاستصحاب؟ (4)