من أنه هو المعنى المستعار عن العقدة، فلا معنى لوجوب الوفاء به.
قلت: الوفاء بذلك أيضا متصور، باعتبار القول والقرار وتباني الطرفين والتزامهما بما التزما به، فلا إشكال.
نعم، لا بد من كون مدلول الآية عاما حتى يمكن التمسك بها لاثبات ذلك، وظاهرها العموم. ولكن يستشكل في ذلك بوجوه (1):
أ - أن اللام في العقود للعهد، بقرينة مسبوقية الآية بتشريع المعاملات، فإنها واقعة في سورة المائدة، وهي آخر سورة نزلت على نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، فالآية ناظرة إلى أن العقود السابقة لازم الوفاء، فلا عموم لها.
ب - لو سلمنا العموم لزم من ذلك استعمال الآية في التأكيد والتأسيس معا، فإن بعض العقود قد شرعت قبلها جزما، وهذا أردأ من استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد.
ج - أن الاستعمال في الآية المباركة استعمال مجازي استعاري - على ما مر - فلا عموم لها، لأن المعاني المجازية متكثرة، فلا ظهور في أحدها.
وفي الكل ما لا يخفى، فإن المسبوقية بالذكر - لو سلمت - لا تصلح للقرينية بعد ظهور الآية في العموم.
والتأكيد والتأسيس ليسا قيدين للمستعمل فيه اللفظ، بل المستعمل فيه هو البعث فقط، والوصفان منتزعان منه باعتبار المسبوقية بالذكر وعدمها.
وكثرة المعاني المجازية لا توجب عدم العموم بعد ظهور الآية فيه.
فالصحيح إمكان التمسك بالآية المباركة لاثبات صحة المعاملة المعاطاتية.