الغاصب غير متصورة، إلا بتمليك عنوان المالك، وادعاء أن الغاصب هو المالك، وحينئذ حيث إن الاقباض أمر خارجي لا يعقل قيامه بالعنوان، والمفروض أن المالك الحقيقي غير قابض، بل المشتري العالم فرضا قد أقبض الغاصب ماله، وهذا الاقباض الصادر عن الرضا ينافي التضمين.
وحاصل ما ذكره: أن المشتري ملك ماله بالعنوان، لامكان تمليك العنوان ولابديته في المقام، وسلط الغاصب بذاته على المال مع علمه بأنه غاصب، الكاشف عن رضاه بهذا التسليط، أي تسليطه على ماله، وهذا ينافي تضمين الغاصب، مع عدم إجازة المالك للعقد، بخلاف ما نحن فيه، فإن البائع العالم بالفساد قد ملك ماله للمالك، وسلط المالك على المال، وهذا التسليط ليس إلا تسليط المالك، فلا يكشف إلا عن الرضا بتسليط المالك، والمفروض فساد البيع، فلا ينافي التضمين (1).
ولكن الأمر في الغاصب ليس كما ذكره، ولا فرق بين المقام وبيع الغصب، فإن المشتري العالم بالغصب - مع عدم اعتنائه بالشرع كما مر - لا يملك المالك، وتسليطه أيضا مبتن على هذا التمليك، فكيف يكشف عن رضاه بالتسليط مطلقا؟!
والتحقيق: أن دعوى المالكية في الغاصب ليس كما ذكرنا في الادعاء في المجازات: بأن اللفظ قد استعمل في معناه، والادعاء إنما هو في كون المعنى المراد عين معنى اللفظ أو فرده (2)، بل هذا نظير الادعاء في المجاز على مذهب السكاكي (3)، وهو أن اللفظ لم يستعمل إلا في المعنى المراد، غاية الأمر ادعى أنه معناه أو فرد معناه.
وبعبارة أخرى: التمليك واقع بالشخص، وهو الغاصب، غاية الأمر بدعوى