محتملان معا، لأن الاستثناء إن اشتمل على ضمير - كما إذا قال: إلا الفساق منهم - فيكون الاستثناء تابعا له في السعة والضيق، وبما أن كل جملة مشتملة على الاسم الظاهر، فيكون الضمير قابلا للعود إلى الأخيرة وإلى الجميع، فيتبعه الاستثناء، ولو لم يشتمل على الضمير فيحتمل الأمران أيضا، لانطباق عنوان المستثنى منه على الجميع (1).
الثانية - أن يتكرر المحمول فقط، ولا يتكرر الموضوع، كما إذا قال: أكرم العلماء وأحسن ضيافتهم واحترمهم إلا الفساق، ومن ذلك قوله تعالى: * (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون * إلا الذين تابوا) * (2).
ففي هذه الصورة يرجع الاستثناء إلى الجميع، لأن الاستثناء - كما تقدم - إنما هو من الموضوع، وهو مذكور في الجملة الأولى، فيرجع إليه وإلى ما بعده.
الثالثة - الصورة نفسها، ولكن مع تكرر الموضوع أيضا في بعض الجمل، كما إذا قال: أكرم العلماء وأحسن ضيافتهم، وجالس العلماء واستشرهم إلا الفساق، فالظاهر رجوع الاستثناء إلى خصوص الجملة التي تكرر فيها الموضوع، وإلى ما بعدها.
ففي المثال يرجع الاستثناء إلى جملة " جالس العلماء " وما بعدها.
الرابعة - أن يتكرر الموضوع فقط، مثل ما إذا قال: أكرم العلماء والأشراف والسادة إلا الفساق، أو أكرم الفقهاء والأصوليين والمتكلمين إلا الفساق.
ففي هذه الصورة يرجع الاستثناء إلى الجميع أيضا، لأن ثبوت حكم واحد لموضوعات متعددة قرينة عرفا على أن الجميع في مقام اللحاظ موضوع واحد.
الخامسة - الصورة نفسها، ولكن مع تكرر المحمول أيضا في بعض الجمل، كما إذا قال: " أكرم الفقهاء والأصوليين، وأكرم المتكلمين إلا الفساق ".
فالظاهر رجوع الاستثناء إلى خصوص المتكرر فيها المحمول وما بعدها من الجمل - لو كانت -، لأن تكرار عقد الحمل قرينة عرفا على أنها جملة مستقلة منفصلة عما تقدمها من الجمل، فيأخذ الاستثناء مأخذه.
هذا كله بالنسبة إلى مدرسة المحقق النائيني والتابعين لها في خصوص هذه المسألة (1).