جاريا في نفسه، إلا أنه مبتلى بأصل حاكم، وهو أصالة عدم حدوث الفرد الطويل، فإن الشك في بقاء الكلي وعدمه مسبب عن الشك في حدوث الفرد الطويل وعدمه، ومع جريان الأصل في السبب لا تصل النوبة إلى الأصل المسببي (1).
وقبل الجواب عن هذا لا بأس بالتوجه إلى أمور:
1 - ذكروا: أنه لا بد من ترتيب الآثار مع الواسطة للمستصحب بنفس الاستصحاب فيه إذا كانت شرعية (2)، مع أن هنا إشكالا عقليا، وهو أن التعبد بالاستصحاب لترتيب أثر نفس المستصحب، يكون موضوعا لترتيب أثر الأثر...
وهكذا، وهذا مستحيل، للزوم اتحاد الحكم والموضوع، وإشكالا عقلائيا، وهو أن ظاهر الدليل هو التعبد بلحاظ أثر نفس المستصحب، وأثر الأثر ليس أثرا (3).
2 - ما هو الميزان للتفريق بين الأصول المثبتة وغيرها؟
3 - ما هو الملاك في تقديم الأصل الجاري في السبب على الأصل الجاري في المسبب؟
والجواب عن جميع ذلك: أن المتعبد به في الاستصحاب ليس ترتيب الأثر، بل إنما هو نفس المستصحب، فاستصحاب عدالة زيد - مثلا - لا يكون متكفلا بالتعبد بشئ إلا نفس عدالة زيد.
نعم، لا بد وأن يكون في البين أثر شرعي، صونا لكلام الحكيم من اللغوية في التعبد، وهذا أمر آخر، وأما المثبت للآثار فهو أدلة تلك الآثار، كجواز الطلاق عند العادل، فاستصحاب العدالة منقح لموضوع تلك الكبرى الشرعية، ولزوم تربص المطلقة يثبت بدليله الشرعي كقوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة