والقول بانسلاخ سببية المعاطاة للملك، وجعلها للإباحة، أو جعل الإباحة حكما مترتبا على هذه المعاملة، يحتاج إلى دليل قوي، وصرف الاحتمال لا يكفي في الالتزام به.
فغاية ما يمكن أن يقال في تقريب أصالة اللزوم بناء على الإباحة: أن المتعاملين منشئان للملك، كما هو المفروض والمشاهد خارجا، ولازم الملك جواز تصرف من انتقل إليه فيه - أي تصرف شاء - تصرف الملاك في ملكهم، وهذا ثابت ببناء العقلاء أيضا.
غاية الأمر أن الاجماع قائم على عدم حصول الملك بالمعاطاة، والشارع لا يتصرف فيما هو ثابت ببناء العقلاء، فإنه ثابت على أي تقدير، بل شأنه التشريع، والمقصود أن مفاد الاجماع ليس عدم حصول الملكية عند العقلاء، بل عدمه عند الشارع.
فالنتيجة: أن العقد ثابت عند العقلاء باق على قوته، والملكية ثابتة عندهم، والإباحة اللازمة للملكية ثابتة أيضا عندهم، والدليل الشرعي قائم على أن الملكية غير ثابتة عند الشارع، ولا مانع من التفكيك بين الملزوم ولازمه في وعاء الاعتبار، فلا دليل على عدم حصول الإباحة الحاصلة بالمعاطاة، بمجرد وجود الدليل على عدم حصول الملك بها، بل الدليل قائم على حصولها، فإنها وإن كانت لازمة للملك، إلا أنه ا مستندة إلى العقد ومن شؤونه، فيمكن التمسك بدليل وجوب الوفاء بالعقد لاثباته والحكم ببقائه.
ثم إنه لو تم شئ من هذه التقريبات، وأثبتنا اللزوم، كان دليل اللزوم حاكما على دليل السلطنة (1).