إحداهما عن الأخرى، وأما الفعل فلم يقع إلا على ما هو عليه، فمع قصد الإباحة به يقع إباحة، ومع قصد التمليك به يقع تمليكا، ولا معنى لجعل أحدهما كناية عن الآخر فيه، مضافا إلى أن هذا خلاف المفروض، فإن المفروض إنشاء الإباحة لا التمليك.
الثاني: أن يكون المنشأ التمليك في خصوص التصرفات المتوقفة على الملك، وهذا بحسب مورد الإباحة على وجهين:
أحدهما: أن يكون المقصود بالإباحة خصوص ذلك التصرف، ففي هذا الوجه - وإن لم يلزم منه إشكال في طرف الايجاب، عدا عدم إمكان جعل الفعل مقصودا به الإباحة كناية عن التمليك والخروج عن محل البحث - يشكل في طرف القبول:
بالبيع، بعدم إمكان إنشائه بالنسبة إلى العالم بالأمر ما لم يتملك أولا، فإن المفروض أنه لأبيع إلا في ملك.
هذا بناء على المعروف من اعتبار الانشاء في القبول، وأما على ما ذكرنا - من عدم اعتبار أزيد من رضا القابل المبرز بأي مبرز كان - فلا يرد ذلك.
ثانيهما: أن يكون قصد الإباحة بالنسبة إلى جميع التصرفات، وقصد التمليك بالنسبة إلى خصوص البيع ونحوه. فلو أنشأ الإباحة والتمليك منجزين لزم صيرورة المباح له مالكا من حيث وغير مالك من حيث، وهذا كما ترى. ولو أنشأ الإباحة منجزة والتمليك معلقا على إرادة المباح له البيع لزم إنشاء الأمرين بإنشاء واحد، فإن جعل أحدهما كناية عن الآخر يشكل عليه بما مر: من عدم تصور ذلك في باب الأفعال، وعدم تعارفه بين العقلاء في باب الألفاظ.
ولو أنشأهما عرضيا لزم استعمال اللفظ في أكثر من معنى في اللفظ، وتأثير إنشاء واحد فيهما في الفعل، وهذا خلاف المعروف بين العقلاء.
هذا في الايجاب، وفي القبول يشكل بما مر في سابقه.