وفي هذه المسألة يستدل على عدم الصحة بعدم الدليل عليه، فيعلم من هذا أنه لا إجماع على اعتبار اللفظ في الصحة في زمانه (قدس سره)، ولا سيما مع ادعائه الاجماع على حصول الإباحة بعد هذا بلا فصل (1)، فمن هذا الكلام نفهم أنه لا إجماع، لا على عدم صحة المعاطاة، ولا على عدم لزومها، بل لو أقيم دليل على حصول الملك فيها لكان الشيخ (رحمه الله) أيضا موافقا في لزومها.
فعلى هذا كيف ادعوا بعد المفيد والشيخ (قدس سرهما) الاجماع على اعتبار اللفظ، تارة في الصحة، وأخرى في اللزوم، مع أن في عبارة الغنية: فإن ذلك - المعاطاة - ليس ببيع، وإنما هو إباحة للتصرف، يدل على ما قلناه الاجماع المشار إليه (2).
انتهى محل الحاجة.
يحتمل رجوع الاجماع إلى الأخير كما ذكره الشيخ أيضا، ولا سيما بعد ما نعرف من دأبه من اتباعه كلمات الشيخ (رحمه الله) في هذا الكتاب غالبا.
وكيف كان، لو سلم دعوى الاجماع بعد زمان المفيد والشيخ (قدس سرهما)، لا يعتنى بها بعد ما ظهر من كلامهما عدم الاجماع على ذلك في زمانهما، بل يظهر من عبارة العلامة (قدس سره) وغيره: أن القول بعدم اعتبار اللفظ في المعاطاة قول معتد به، فإنه قال:
إن الأشهر عندنا أنه لا بد من الصيغة (3)، وكذلك نسبته في المختلف إلى الأكثر (4)، وفي التحرير: إن الأقوى أن المعاطاة غير لازمة (5). ومع هذه الكلمات يعلم أنه لا شهرة على الاعتبار، فضلا عن الاجماع عليه. نعم، لو كانت الشهرة متحققة لكنا خاضعين في قبالها أيضا، إلا أن كلا طرفي المسألة مشهورين، كما عرفنا من العبارات المتقدمة، فلا إشكال في المسألة عندنا.