كتاب البيع - الشيخ محمد حسن قديري - الصفحة ١١٢
فانحصر المحتملات على أنحاء ثلاثة: أما الأولان فعدم جريان الاستصحاب فيهما ظاهر، لفقد الحالة السابقة فيهما، فأي زمان كانت المرأة غير قرشية، أو التي ليست بقرشية، حتى يحكم ببقاء ذلك؟! وأي زمان كان غير القرشية موجودا يقينا حتى يستصحب؟!
وأما الأخير وهو السالبة مع وجود الموضوع، فأيضا لا يجري فيه الاستصحاب، وذلك لأن القضية المتيقنة ليست سالبة مع وجود الموضوع، فإنه أي زمان كانت المرأة موجودة ولم تكن قرشية؟ بل هي سالبة بسلب الموضوع، والقضية المشكوكة سالبة مع فرض وجود الموضوع، فالقضيتان متغايرتان، فلا يجري فيهما الاستصحاب، ولو قيل بجريان استصحاب الأعم لا يمكن إثبات الأخص به إلا على القول بالأصل المثبت، فالاستصحاب في هذا القسم: إما غير جار، أو مثبت (1).

١ - أقول: هذا لو كانت القضية المتيقنة قضية سلبية بسلب الموضوع، وهي المرأة لم تكن بقرشية، والمفروض أنها لم تكن فلم تكن قرشية، لكن إذا شكلنا قضية سالبة موضوعها المرأة الموجودة بالفعل فتتحد القضيتان.
والحاصل: أنه لا فاصل بين الوجود والعدم، فلو لم يمكن لنا أن نقول: هذه المرأة الموجودة كانت متصفة بالقرشية، فلا محالة يصح لنا أن نقول: هذه المرأة الموجودة بالفعل لم تكن قرشية سابقا، فالآن أيضا ليست بقرشية.
ولا يتوهم: أن عدم كون هذه المرأة قرشية سابقا من باب عدم الموضوع، فإن هذا هو منشأ السلب، وإلا فأركان الاستصحاب تامة على ما ذكرنا. نعم، على ما أفاده دام ظله من أن القضية المتيقنة عدم الموضوع دخيل فيها، وبه تنهدم الأركان.
وكنا نورد على السيد الأستاذ مد ظله هذا الاشكال سابقا، إلا أن فيه غفلة عن نكتة: وهي أن القضية السابقة - وهي هذه ما كانت قرشية سابقا - قضية موجبة سالبة المحمول، والقضية اللاحقة - وهي هذه ليست بقرشية فعلا - قضية سالبة، فاختلفت القضيتان، ولو قيل بغير ذلك يعود المحذور المذكور في كلام الأستاذ مد ظله، فتدبر جيدا. المقرر حفظه الله.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست