ثابت على ذلك، وضعت الهيئة للدلالة عليه، ونسميه بالدلالة التصديقية، فهنا نسبة وطرفاها والتصديق بثبوتها لهما، ولكل منها دال، وليس في البين حمل إلا بالتأويل والاستمداد من الكون الرابط، وفي مثل زيد موجود أو الله موجود أو عالم الواقع ليس إلا الاتحاد بين العنوانين المنتزعين أو المدركين، فلو أريد من ذلك زيد له الوجود، أو الله جل جلاله له الوجود، أو العلم، فهي خلاف الواقع، وخلاف ما كان المتكلم بصدد بيانه، مع أنه يلزم من الأول زيادة الوجود عن الماهية وأصالتها كالوجود، ومن الثاني أن يكون البارئ جل اسمه معروضا لعوارض قد برهن فساد كل منها في محله (1)، وهكذا الحال في الحمل الأولي الذاتي، كحمل الحد على المحدود، وما كان كذلك من الحمل الشائع، كحمل الذاتيات على الشئ.
وأما في موارد الهليات المركبة ك زيد قائم، فالأمر أيضا كذلك وإن لم يلزم منه تلك الاستحالات، فإن الواقع هو الاتحاد، لا الربط بين الموضوع والمحمول، والمتكلم في مقام بيان هذا الاتحاد والهوهوية. فلو أخذت النسبة بينهما في الملفوظة تكون خلاف الواقع، ففي هذا القسم من الحمل - الذي هو الحمل الحقيقي - موضوع ومحمول، ولكل منهما دال، والهيئة دالة على الهوهوية التصديقية، وفي مثل زيد القائم الهيئة دالة على الهوهوية التصورية (2).