في أنفس المستحسنين، كما هو الفرض، على أنه لا دليل عليه اللهم إلا أن يدعي بعض أصحابه حصول القطع منه أحيانا، وربما كانت وجهة نظر القائلين (بالذوق الفقهي)، تلتقي هذا النوع من الاستحسان، إلا أن حجيته مقصورة على مدعي القطع به من الفقهاء ومقلديهم خاصة، وهي ليست من القواعد المحددة ليمكن أن تكون أصلا قائما برأسه كسائر الأصول، وما ذكر له من الأدلة لا يصلح لاثبات ذلك فلا بد من استعراضها جميعا ومناقشتها.
حجيته:
وقد استدلوا على حجية الاستحسان بعدة أدلة، بعضها من الكتاب وبعضها الآخر من السنة والثالث الاجماع.
أدلتهم من الكتاب:
وأهمها: 1 - قوله تعالى (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه (1)).
2 - قوله تعالى: (واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم (2)).
بتقريب انه تعالى مدحهم على اتباع أحسن ما يستمعونه من القول في الآية الأولى، وألزمهم باتباع أحسن ما أنزل إليهم من ربهم في الآية الثانية، والمدح والالزام إمارة جعل الحجية له.
ويرد على الاستدلال بهاتين الآيتين ونظائرهما:
1 - ان هذه الآيات استعملت لفظة (الأحسن) في مفهومه اللغوي، وهو أجنبي عما ذكروه لها من المعاني الاصطلاحية، ولو سلم فعلى أيها ينزل ليصلح للدليلية عليه، مع أنها متباينة وليس بينها قدر جامع، بل لا يمكن تصوره إلا بضرب من التعسف كما سبقت الإشارة إليه، وحمله على بعضها