ولربه استقلالا ذاتيا، فكان رب البيت هو الولي والقيم عليه، وهو المالك دون غيره من أفراد البيت. وإذا مات ورثه في الولاية أحد أبنائه أو إخوانه ممن كان في وسعه ذلك، وورثه في المال سائر أبنائه، فإن بقوا في البيت كانت نسبتهم إلى رب البيت الجديد كنسبتهم إلى رب البيت القديم، وإن انفصلوا وأسسوا بيوتا جديدة كانوا أربابها.
أما النساء: كالزوجة والبنت والأخت والأم، فلم يكن يرثن لئلا ينتقل مال البيت بانتقالهن إلى بيوت أخرى بالزواج.
وكان اليونانيون يورثون أرشد الأولاد الذكور، ويحرمون غيره من الأولاد الضعاف والإناث مطلقا - سواء كن زوجات أو بنات أو أخوات أو أمهات - من الإرث.
وكانت لهم - كالرومانيين - حيل تشريعية لكيفية توريث من أحبوه من النساء والأطفال.
وأما المصريون والصينيون والهنود، فكانت طريقتهم في التوريث تشبه طريقة الرومانيين واليونانيين في حرمان النساء والأطفال من الإرث وإبقائهم تحت القيمومة.
وأما الفرس فكانوا يحرمون الزوجات - غير الكبيرة - والبنت المزوجة، ويورثون الزوجة الكبيرة والابن والدعي والبنت غير المزوجة، وربما جعل الزوج أحب نسائه إليه مقام الابن، فكانت ترثه كما يرثه الابن والدعي.
وأما العرب فكان الإرث يبتني عندهم على أسس ثلاثة، وهي:
أولا - النسب: فإنهم كانوا يورثون من ذوي الأنساب العصبة - وهم الذكور من الأولاد، أو الإخوة أو الأعمام - من كان قادرا منهم على الذب عن الحريم، أما الإناث والأطفال فكانوا يحرمون من الإرث.
ثانيا - التبني: كانت عادة التبني - أي أن يجعل الإنسان من ليس ابنه ابنا ادعاء - جارية عند العرب، وبذلك كان يصير الدعي أحد أبناء الشخص، فيرثه كما يرثه سائر أبنائه.
ثالثا - الولاء: وهو عقد بين شخصين، مفاده:
التحالف والتعاهد على أن يدافع أحدهما عن الآخر ويذب عنه ويدفع عنه جريرته، وفي مقابل ذلك يكون وارثه بعد موته.
وأما الإسلام - وفقا لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) - فقد بنى الإرث على أسس ثلاثة، وهي:
أولا - النسب: وجعل المنتسبين إلى الميت في طبقات ثلاث:
1 - الوالدان والأولاد ذكورا وإناثا.
2 - الأجداد والجدات والإخوة والأخوات.
3 - الأعمام والعمات والأخوال والخالات.
ثانيا - الزوجية: فجعل كلا من الزوجين وارثا للآخر يشترك مع بقية الورثة.
ثالثا - الولاء بأقسامه: لكن حدده بصورة عدم وجود من تقدم من الورثة.