أخرى (ويمكن أن يقال) (1) ان الأولوية المذكورة في الحديث ناظرة إلى ما ورد في الروايات الكثيرة من أن العبد ربما يكون موفقا بالحسنات والخيرات بواسطة التزامه ببعض الخيرات والحسنات فبعضها يكون معدا للاخر ويعطى القابلية لان يوفقه الله تبارك و تعالى لمرضاته كما أنه ربما يكون مخذولا ومحروما من عناية تبارك وتعالى بسبب ارتكابه بعض المعاصي بل بعض المكروهات فان أحسن فالله أولي بحسناته فإنه الموفق له وان أساء فالعبد أولي بسيئاته لأنه اتبع فيها هوى نفسه وشهواته على أي حال فالمهم في المقام اثبات الامر بين الامرين وقد أثبتناه بحمد الله تبارك وتعالى بأحسن وجه و بيان فافهم واغتنم ومن جميع ما ذكرنا ظهر أن ما ذهب إليه صاحب الكفاية (قده) من الالتزام بعينية الطلب والإرادة والالتزام بالإرادة الانشائية وارجاع النزاع بين الأشاعرة والمعتزلة إلى النزاع اللفظي غير صحيح لما عرفت من أن الطلب غير الإرادة مفهوما ومصداقا ولا معنى لكون الإرادة انشائية وأظن أن الالتزام بالترادف بينهما من مختصاته ومن قال بالاتحاد أراد اتحادهما صدقا لا مفهوما وإن كان ذلك فاسدا أيضا كما عرفته وأيضا قد ظهر لك ان النزاع معنوي وفى ثبوت أمر آخر بعد الإرادة وعدمه فكيف يمكن أن يكون النزاع لفظيا واما المقام الثاني ففيه مباحث (الأول) في دلالة الصيغة على الوجوب وعدمها فاعلم أن الأقوال في المسألة وان كثرت الا أن المهم منها قولان أحدهما كونها حقيقة في خصوص الوجوب أو ظاهرة فيه بالانصراف لكونه أكمل الافراد الثاني كونها حقيقة في القدر المشترك بينه وبين الاستحباب وقبل الخوض في بيان ما هو الحق في المقام ينبغي تقديم مقدمة وهى أن المتقدمين من الأصحاب ذهبوا إلى تركب الوجوب والاستحباب من جنس وهو طلب الفعل وفصل
(٩٤)