التهديد، والتعجير، انما تكون من قبيل الدواعي لايجاد النسبة الايقاعية بقوله:
افعل. ومن هنا تمحضت صيغة افعل للانشاء ولا تصلح ان تقع اخبارا، إذ الايقاع لا يمكن ان يكون اخبارا. وهذا بخلاف صيغة الماضي والمضارع، حيث إنهما يصلحان لكل من الانشاء والاخبار. اما الماضي، فوقوعه انشاء في باب العقود واضح. واما المضارع، فانشاء العقد به محل خلاف واشكال. نعم المضارع انما يقع انشاء في مقام الطلب والبعث، كيصلي، ويصوم، وما شابه ذلك وهذا بخلاف الماضي، فإنه لم يعهد وقوعه انشاء في مقام البعث والطلب ابتداء، وان استعمل في القضايا الشرطية في ذلك لانقلابه فيها إلى الاستقبال، ولكن استعماله في الطلب في غيرها مما لم نعهده. وعلى كل حال، لا اشكال في أن صيغة افعل ليست بمعنى الطلب ولا غيره من سائر المعاني، وانما هي موضوعة لايقاع النسبة بين المبدء و الفاعل لدواعي: منها الطلب ومنها التهديد ومنها غير ذلك، فتأمل جيدا. (1) فتحصل: ان الصيغة لم تستعمل في الطلب، بل إن كان ايقاع النسبة بداعي البعث والطلب يوجد مصداق من كلي الطلب عند استعمال الصيغة وايقاع النسبة، كما هو الشأن في غير النسبة من سائر الحروف حيث إن باستعمالها يوجد مصداق من معنى كلي اسمى، كالنداء عند قولك: يا زيد، والخطاب عند قولك: إياك ، وغير ذلك من الحروف على ما تقدم تفصيل ذلك.
(الامر الرابع) لا باس في المقام بالإشارة إلى اتحاد الطلب والإرادة وتغايرهما، حيث جرت سيرة الاعلام على التعرض لذلك في هذا المقام، وان لم يكن له كثير ارتباط به. وعلى كل حال، ذهبت الأشاعرة إلى تغاير الطلب والإرادة، وان ما بحذاء أحدهما غير ما بحذاء الآخر. وذهبت المعتزلة إلى اتحادهما وان الإرادة عين الطلب، والطلب عين الإرادة. ولا يخفى ان الكلام في المقام أعم من إرادة الفاعل وإرادة