3 - وبأن الأولى ذاتية وقديمة، فهي من صفات الذات، والثانية حادثة، فهي من صفات الفعل.
ويرى هؤلاء أن الروايات المفسرة للإرادة بما يوافق حدوثها محمولة على الإرادة بالتفسير الثاني.
اختار هذا الرأي الحكيم الأصولي، المحقق الإصفهاني، ونسبه إلى أهل النظر وبعض الأعيان (1).
الثالث - تفسيرها بمعنى إعمال القدرة والسلطة:
ويرى بعض آخر أن الإرادة فيه تعالى ليست إلا قدرته وسلطته في خلقه، ولما كانت سلطته تامة من جميع الجهات، ولا يتصور فيها النقص، فلذلك يتحقق الفعل في الخارج بمجرد إعمال هذه السلطة.
ويظهر من الشيخ المفيد اختيار هذا التفسير حيث قال: " إن إرادة الله لأفعاله هي نفس أفعاله " (2)، واختاره السيد الخوئي (3)، وربما تسنده ظواهر بعض الآيات والروايات، أما الآيات فمثل قوله تعالى: * (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) * (4)، وأما الروايات، فمثل ما رواه عاصم ابن حميد عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " قلت: لم يزل الله مريدا؟ قال: إن المريد لا يكون إلا لمراد معه، لم يزل عالما قادرا ثم أراد " (1).
وعن بكير بن أعين، قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): علم الله ومشيئته هما مختلفان أو متفقان؟ فقال: العلم ليس هو المشيئة، ألا ترى أنك تقول: سأفعل كذا إن شاء الله، ولا تقول: سأفعل كذا إن علم الله، فقولك: إن شاء الله دليل على أنه لم يشأ، فإذا شاء كان الذي شاء كما شاء، وعلم الله السابق للمشيئة " (2).
وروى سليمان الجعفري، قال: " قال الرضا (عليه السلام): المشيئة والإرادة من صفات الأفعال، فمن زعم أن الله تعالى لم يزل مريدا شائيا، فليس بموحد " (3).
وهذه النصوص فسرت من قبل أصحاب الرأي الأول بما لا يتنافى مع تفسيرهم للإرادة، وحملت من قبل أصحاب الرأي الثاني على الابتهاج في مرحلة الفعل.
وعلق السيد الطباطبائي - صاحب تفسير " الميزان " - على كلام العلامة المجلسي الذي نقلناه